خطبة بمناسبة الدخول المدرسي - ثلاث وسائل من أجل تحقيق نجاح التلميذ والطالب

 خطبة بمناسبة الدخول المدرسي - ثلاث وسائل من أجل تحقيق نجاح التلميذ والطالب 

خطبة بمناسبة الدخول المدرسي - ثلاث وسائل من أجل تحقيق نجاح التلميذ والطالب
خطبة بمناسبة الدخول المدرسي - ثلاث وسائل من أجل تحقيق نجاح التلميذ والطالب 


خطبة بمناسبة الدخول المدرسي - ثلاث وسائل من أجل تحقيق نجاح التلميذ والطالب 


عناصر الخطبة:

  • الذاكرة هي الوسيلة الأولى لتحقيق النجاح في الموسم الدراسي الجديد
  • المذكرة هي الوسيلة الأولى لتحقيق النجاح في الموسم الدراسي الجديد
  • المذاكرة هي الوسيلة الأولى لتحقيق النجاح في الموسم الدراسي الجديد


الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي ميز الإنسان بالعقل والذاكرة، ويسر له لأجل تحصيل العلوم الكتابة والمذكرة، ومن أجل الاستزادة منها بالمذاكرة، وأشهد أن لا إله إلا الله أمر طالب العلم بالجد والمثابرة، حتى لا يفشل وتلك إذن كرة خاسرة، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي علم بالتواضع لا بالمكابرة، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الساهرة.


أما بعد؛ فأيها الإخوة المؤمنون؛ أوصيكم ونفسي ألا بتقوى الله وطاعته.


ها هي المدارس قد فتحت فعلا أبوابها، لتستقبل التلميذ من أجل التربية والتعليم، وقد قدمنا لكم في الجمعة الماضية أن التربية مقدمة على التعليم؛ بل التربية هي أساس التعليم.


فتعالوا بنا اليوم لنقف عند ثلاثة أمور يجب على التلميذ أن يحافظ عليها ليحقق لنفسه النجاح؛ وهي: الذاكرة، والمذكرة، والمذاكرة.


أما الذاكرة؛ 

فيجب على التلميذ أن ينتبه لأستاذه ويركز على درسه ويبتعد عن أمرين فلا يشغل ذاكرته بهما أثناء الدرس هما: لا يلهو ولا يسهو. 


الأمر الأول: 

اللهو واللعب أثناء إلقاء الأستاذ درسه نوع من التهور؛ فإن لكل مقام مقالَه المناسب له؛ فاللهو الحلال لا حرج فيه واللعب المباح لا بأس به؛ ولكن إذا كان في مجاله المعَدِّ له؛ أما قسم التعليم فهو مجال التلقين والتلقي، ومدارسة العلم والمعرفة لا يتماشى مع ممارسة اللهو واللعب؛ فالتلميذ الفاشل المتهور قد يلعب بشيء في يديه مع مزاج نفسه، وقد يلعب مع غيره فيتحول إلى مزاح أو ما نسميه "البسالة والدسارة". 


الأمر الثاني: 

السهو والغفلة نوع من التكاسل؛ والفصل في الدراسة يحتاج للاهتمام والانتباه؛ وذلك لا يكون إلا بحضور الذاكرة، وقبلة التلميذ وجه أستاذه كما يقال، لأنه لا يتلقى منه الدروس فقط؛ بل يتعلم منها الكيفية والطريقة والسلوك والأخلاق؛ فالسهو يمنع التلميذ من المتابعة، والغفلة تُحْرِمه من الاستفادة؛ فالتلميذ المتهم لا يفوت مسألة لم يفهمها دون أن يسأل عنها أستاذه؛ لأن مفتاح العلم هو الاستفسار، وشفاء العِيِّ الجاهل هو السؤال كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. 


وللمحافظة على قوة الذاكرة يجب أن يعلم الطالب أن التعليم نور رباني نحفظ به النصوص والمباني، ونفهم به المقاصد والمعاني؛ لكن بشرط ترك الذنوب والمعاصي؛ لأن المعاصي ظلام والعلم نور، والنور والظلام لا يجتمعان ولا يلتقيان؛ وهنا نتذكر الإمام الشافعي حين كان تلميذا وكان يعاني من سوء الحفظ وقلة الفهم وضعف الذاكرة، فاشتكى ذلك لشيخه الإمام وَكِيع بن الجرَّاح فنصحه بترك المعاصي فسجل ذلك في شعره فقال:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي ** فأرشدني إلى ترك المعاصي

وأخبرني بأنّ العلـــم نــــــــــــــــور ** ونور الله لا يُعطــــــى لعاصي


 فإذا كان الطالب عاصيا يمارس الفسق في الشوارع ويتعاطى المحرمات ولو كان يملك قوة الذاكرة؛ فلا تنظرن منه إلا كسادا في الأخلاق، وفسادا في الأذواق، ومعلومات مهلهلة ممزقة، وأعمالا فاسدة فاسقة، حيث لا ثقة من العاصي ولا تقوى من الفاسق. 


وأما المذكرة؛ 

فإنها تتحقق بأمرين: القلم والورقة؛ لأن الطالب المجد لا يغادر القلم يده ولا تغادر الورقة جيبه، ليسجل فيها الفوائد حتى لا تمحى، فإن الذاكرة تنسى؛ فقد صحَّ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: »إنما سُمِّي الإنسانُ إنساناً لأنه عُهِد إليه فنَسِي«، وقال الشاعر:

وما سُمِّي الإنسان إلا لِنَسْيِهِ * وما القلب إلا أنه يتقلَّبُ

لا تَنْسَيَنْ تلك العهودَ وإنمـــا * سُمِّيتَ إنسانا لأنك ناسي


ولذلك فالذاكرة وحدها لا تكفي فلا بد من تسجيل الفوائد وتقييد القواعد في المذكرة حتى لا يعلوها النسيان فتضيع؛ قال الإمام الشافعي:

العلمُ صيدٌ والكِتَابةُ قيدُهُ * قيِّد صيودَكَ بالحبالِ الواثِقَهْ


ولا توجد طريقة لتحصيل العلوم أنفع ولا وسيلة للمحافظة عليها أنجع من التقييد والكتابة؛ فالتلميذ المجتهد دائما يسجل الفوائد المستجدة والترتيبات المبتكرة والطرائف والحِكَم؛ قال الإمام النووي: "ولا يحتقرن الطالب فائدة يراها أو يسمعها في أيِّ فنٍّ كانت؛ بل يُبادِر إلى كتابتها، ثم يواظب على مطالعة ما كتبه".


وأما المذاكرة؛ 

 فهي مراجعة الطالب دروسه مع أحد الشخصين؛ إما مع طالب مثله من أقرانه، أو مع من هو أعلم منه من الوالدين والإخوة؛ وفي هذا قيل: "حفظ سطرين خير من حمل وقرين، والمذاكرة بين اثنين خير من هذين"؛ لأنَّه بالمذاكرة يثبتُ المحفوظ ويتحرَّرُ، ويتأكدُ المقروء ويتقرَّرُ، ويزدادُ الفهم لمقاصد النصوص بحسب كثرة المراجعة؛ قال الخليل بن أحمد: "ذاكر بعلمك، تَذْكُرْ ما عندك وتستفدْ ما ليس عندك"، وقال عبد الله بن المعتز: "مَنْ أَكْثَرَ مذاكرة العلماء لم ينس ما علم واستفاد ما لم يعلم".


أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين والحمد لله رب العالمين...


الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين...

أما بعد فيا أيها الاخوة المؤمنون؛ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما روى الإمام مسلم: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله طريقا إلى الجنة، ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».


جمع الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بين الحث على طلب العلم، وبين الإحسان للفقراء، وبين أن أي تلميذ وأي طالب من الذكور والإناث يتوجه بخطواته صوب مدرسة أو كلية أو جامع أو جامعة ليطلب العلم النافع، أي علم كان؛ سواء من علوم الدنيا أو من علوم الدين؛ فهو بتلك الخطوات يبني لنفسه طريقا إلى الجنة.


ثم حث صلى الله عليه وسلم على مساعدة من يعاني من المشاكل؛ كأنه صلى الله عليه وسلم يستشعر أن طريق العلم لا بد أن يكون محفوفا بالمشاكل؛ فحث على حلها وتنفيسها على المصاب بها، وكأنه صلى الله عليه وسلم يقول لنا: إن أفضل من تساعدون مساعدة دائمة ومستمرة هم طلبة العلم الفقراء والمحتاجون، 


وإن أول ما يحتاج إليه التلاميذ في هذه الأيام هو المساعدة المادية، مساعدة المحتاجين الذين أثقلت كواهلهم الأدوات المدرسية الثقيلة وثمنها الأثقل، ابحثوا عن هؤلاء الفقراء ولا تذهبوا بعيدا؛ فقد يكونون في أسرتكم: أبناء الإخوة أو الأعمام أو الأخوال، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذوي الرحم صدقة وصلة»، وقد يكونون من الجيران والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه». 


ألا فاتقوا الله عباد الله وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم…


اعداد وتقديم الخطيب الفقيه ذ. عبد الله بنطاهر


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-