فضل شهر شعبان - خطبة قصيرة ومؤثرة

 فضل شهر شعبان - خطبة قصيرة ومؤثرة

فضل شهر شعبان - خطبة قصيرة ومؤثرة
فضل شهر شعبان - خطبة قصيرة ومؤثرة

 فضل شهر شعبان - خطبة جمعة

بسم الله الرحمان الرحيم

تذكير الخلان بفضل شهر شعبان

عناصر الخطبة: 

فَضل شهر شعبان

أفضل العبادة في شهر شعبان

حال السلف في شهر شعبان  

اَلْخُطْبَةُ الْأُولَى

      اَلْحَمْدُ لِلَّهِ خَالِقِ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، مَنَّ عَلَيْنَا بِكَثْرَةِ مَوَاسِمِ الْخَيْرَاتِ، وَضَاعَفَ لَنَا عَلَى الْعَمَلِ فِيهَا الْمَثُوبَةَ وَالْحَسَنَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِـي الذَّاتِ وَالْأَفْعَالِ وَالصِّفَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ رَحْمَةً لِكُلِّ الْمَخْلُوقَاتِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْعُدُولِ الثِّقَاتِ، وَمَنِ اِقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ حَتَّى الْمَمَاتِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ

     إِنَّ مِنْ إِكْرَامِ اللَّهِ تَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْمَيْمُونَةِ أَنْ تَفَضَّلَ عَلَيْهَا بِالْكَثِيرِ مِنْ مَوَاسِمِ الْخَيْرَاتِ، وَضَاعَفَ لَهَا الْجَزَاءَ عَلَى فِعْلِ الصَّالِحَاتِ، لِتُدْرِكَ مَا لَمْ يُدْرِكْهُ الْأَوَّلُونَ مِنَ الدَّرَجَاتِ، وَمِنْ أَعْظَمِ تِلْكَ الْمَوَاسِمِ شَهْرُ شَعْبَانَ الَّذِي نَعِيشُ أَيَّـــامَهُ الْمُبَـــارَكَــــةِ، وَنَتَنَسَّمُ عَبِيرَ نَفَحَاتِهِ الرَّبَّانِيَّةَ، وَبِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ سَيَكُونُ عُنْوَانُ خُطْبَتِنَا لِهَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ السَّعِيدِ – بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى – هُوَ: تَذْكِيرُ الْخُلَّانِ، بِفَضْلِ شَهْرِ شَعْبَانَ، وَسَنُرَكِّزُ كَلَامَنَا عَلَى هَذَا الْعُنْوَانِ مِنْ خِلَالِ ثَلَاثَةِ عَنَاصِرَ:

الْعُنْصُرُ الْأَوَّلُ: فَضْلُ شَهْرِ شَعْبَانَ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَ هَذَا الْكَوْنَ كُلَّهُ، وَفَضَّلَ بَعْضَ مَخْلُوقَاتِهِ عَلَى بَعْضٍ، فَالنَّاسُ عَلَى مَرَاتِبَ، وَالْمَلَائِكَةُ عَلَى مَرَاتِبَ، وَالْأَزْمِنَةُ وَالْأَمْكِنَةُ عَلَى مَرَاتِبَ، وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ عَلَى مَرَاتِبَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ...)، وَمِنَ الْأَزْمِنَةِ الْمُفَضَّلَةِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى شَهْرُ شَعْبَانَ الْمُبَارَكُ، فَقَدْ كَانَ رَسُـــولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُولِيهِ اهْتِمَاماً كَبِيراً، وَبَيَّنَ لَنَا صلى الله عليه وسلم  فَضْــــلَهُ فِي الْحَدِيثِ الذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَـمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ فَقَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»، فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ النَّبَوِيُّ الشَّرِيفُ عَلَى أَنَّ شَهْرَ شَعْبَانَ الْمُبَارَكَ يَنْبَغِي عِمَارَتُهُ بِأَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ، وَاغْتِنَامُهُ فِي الصَّالِحَاتِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَ الْـمُسْتَحَبَّاتِ، وَالتَّبَاعُدُ عَنْ كُلِّ مَا يُغْضِبُ اللَّـهَ مِنَ السَّيِّئَاتِ، سَعْياً إِلَى تَحْصِيلِ مَا أَوْدَعَهُ اللَّهُ فِيهِ مِنَ الْبَرَكَاتِ وَالنَّفَحَاتِ، لِأَنَّهُ شَهْرٌ تُعْرَضُ فِيهِ أَعْمَالُ الْعِبَادِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ.

الْعُنْصُرُ الثَّانِي: أَفْضَلُ عِبَادَةٍ فِي شَعْبَانَ، اِعْلَمُواْ – وَفَّقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ – أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادَةٍ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ هِيَ الْإِكْثَارُ مِنْ عِبَادَةِ الصِّيَامِ، اِقْتِدَاءً بِسُنَّةِ خَيْرِ الْأَنَامِ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَزْكَى السَّلَامِ، فَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم  يُكْثِرُ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْمُبَارَكِ مِنَ الصِّيَامِ عَلَى الدَّوَامِ، رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ». قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَفِـي الْحَـــــدِيثِ دَلِيــــــلٌ عَلَى فَضْلِ الصَّـــــوْمِ فِـي شَعْبَـــــانَ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَيْضاً أَنَّهَا قَالَتْ: «لَمْ يَكُــــنْ رَسُــــولُ اللَّــــهِ صلى الله عليه وسلم فِي الشَّهْــــرِ مِنَ السَّنَـــةِ أَكْـثَــرَ صِيَــامًا مِنْـــهُ فِي شَعْبَانَ». فَأَكْثَـــــرُواْ – أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ – مِنَ الصِّيَامِ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ، اِقْتِدَاءً بِسَيِّدِ وَلَدِ عَدْنَانَ، تَنَالُواْ مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةَ وَالْمَغْفِرَةَ وَالرِّضْوَانَ. 

   نَفَعَنِي اللَّـهُ وَإِيَّاكُمْ بِكِتَابِهِ الْـمُبِينِ، وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى الْكَرِيمِ، سَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وِأَجِارَني وَإِيَّاكُمْ مِنْ عَذَابِـهِ الْـمـُهِينِ، وَغَفَرِ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْـمُسْلِمِينَ، وَجَعَلَنِـي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ آمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

    اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَليُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، صَلَّى اللَّـهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. 

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ 

الْعُنْصُرُ الثَّالِثُ: حَالُ السَّلَفِ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ، فَاسْتِغْلَالُ شَهْرِ شَعْبَانَ وَالِاجْتِهَادُ فِيهِ بِأَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ، كَانَ مِنْ هَدْيِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، رَوَى ابْنُ رَجَبٍ فِي لَطَائِفِ الْمَعَارِفِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ إِذَا دَخَلَ شَعْبَانُ قَالَ: "هَذَا شَهْرُ الْقُرَّاءِ"، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ إِذَا دَخَلَ شَعْبَانُ أَغْلَقَ حَانُوتَهُ وتَفَرَّغَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: "لِأَنَّ صِيَامَ شَعْبَانَ كَالتَّمْرِينِ عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ، لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ عَلَى مَشَقَّةِ وَكُلْفَةٍ، بَلْ يَكُونُ قَدْ تَمَرَّنَ عَلَى الصِّيَامِ وَاعْتَادَهُ، وَوَجَدَ بِصِيَامِ شَعْبَانَ قَبْلَهُ حَلَاوَةَ الصِّيَامِ وَلَذَّتَهُ، فَيَدْخُلُ فِي صِيَامِ رَمَضَانَ بِقُوَّةٍ وَنَشَاطٍ". وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: "شَهْرُ رَجَبٍ شَهْرُ الزَّرْعِ، وَشَهْرُ شَعْبَانَ شَهْرُ سَقْيِ الزَّرْعِ، وَشَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرُ حَصَادِ الزَّرْعِ". لِذَلِكُمْ يَنْبَغِي لَنَا – مَعَاشِــرَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ - أَنْ نُحْسِنَ اسْتِغْلَالَ شَهْرِ شَعْبَانَ، لِأَنَّ الْبِدَايَاتِ الصَّحِيحَةَ تُؤَدِّي إِلَى نِهَايَاتٍ نَاجِحَةٍ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولُهُ وَيَخْشَى اللَّهَ وَيَتَّقِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ.

اَلــــدُّعَــــــــاءُ

    إعداد: الأستاذ رشيد المعاشي

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-