خطبة مؤثرة عن لذة العبودية لله عز وجل

 خطبة مؤثرة عن لذة العبودية لله عز وجل

خطبة مؤثرة عن لذة العبودية لله عز وجل
خطبة مؤثرة عن لذة العبودية لله عز وجل


خطبة مؤثرة عن لذة العبودية لله عز وجل


عناصر الخطبة:

  • العبودية لله عز وجل عز وشرف 
  • ضرورة الإنسان وحاجته للعبودية لربه عز وجل 
  • حلاوة الطاعة ولذة العبودية لله عز وجل 
  • أسباب تحصيل لذة العبودية لله عز وجل


اقتباس من الخطبة:

  • العُبُودِيَّة لله عز وجل وَصف لِلكُمَّلِ مِن خَلقِهِ ..
  • وَكُلُّ مَنِ استَكبَرَ عَن عِبَادَةِ اللَّهِ عَزّ وَجَلَّ فَلَابُدَّ أَن يُبتَلَى بِعِبَادَةِ مَن لَا يَستَحِقُّ أَن يُعبَدَ .
  • فَأَنبِيَاءُ اللَّهِ وَمَلَائِكَتُهُ وَالمُقَرّبُونَ مِن عِبَادِهِ نَالُوا شَرَفَ العُبُودِيَّةِ لِلَّهِ عز وجل، فَارتَفَعَت مَقَامَاتُهُم ..


الخُطْبَةُ الأُوْلَى:


الحَمدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ العِزَّةَ وَالطُّمَأنِينَةَ وَالسَّعَادَةَ فِي طَاعَتِهِ، وَجَعَلَ الذِّلَّةِ وَالضَّنكَ وَالشَّقَاوَةَ فِي الإِعرَاضِ عَن ذِكرِهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَا أُنسَ لِلقُلُوبِ وَلَا انشِرَاحَ لِلصُّدُورِ إِلَّا بِمَحَبَّتِهِ، وَأَشهَدُ أَنّ مُحَمّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، شَرَّفَهُ اللهُ بِكَمَالِ العُبودِيَّةِ لَهُ، وَأَقَرَّ عَينَهُ بِالصَّلاةِ لَه والتَّقَرُّبِ إِلَيهِ، صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَسَلَّمَ تَسلِيمًا مَزِيدًا.


أَمّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ حَقَّ التَّقوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجوَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ‌حَقَّ ‌تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُسلِمُونَ).


أَيُّهَا المُسلِمُونَ: فَطَرَ اللَّهُ عز وجل الخَلقَ جَمِيعًا عَلَى مَعرِفَتِهِ وَعِبَادَتِهِ، وَأَمَرَهُم بِإِخلَاصِ الدِّينِ لَهُ، وَفَرَضَ عَلَيهِم طَاعَتَهُ، قَالَ جل في علاه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُم)، وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: (وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعبُدُونِ).


وَكَمَالُ العَبدِ إِنّمَا هُوَ فِي تَحقِيقِهِ لِعُبُودِيَّةِ رَبِّهِ، وَكُلَّمَا ازدَادَ تَحقِيقًا لَهَا ازدَادَ عُلُوًّا وَارتِفَاعًا، فَالعُبُودِيَّةُ فِي حَقِّهِ عِزّةٌ وَشَرَف، وَهِيَ أَجمَلُ مَا بِهِ يَتَحَلَّى وَيُوصَف.


وَقَد جَعَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى العُبُودِيَّةَ وَصفًا لِلكُمَّلِ مِن خَلقِهِ، وَالصَّفوَةِ مِن عِبَادِهِ، فَنَعَتَ بِهَا أَفضَلَ خَلقِهِ سيدنا مُحَمّدًا صلى الله عليه وسلم فِي أَجَلِّ مَقَامَاتِهِ، فَقَالَ عز وجل: (سُبحَانَ الَّذِي أَسرَى بِعَبدِهِ)، وَقَالَ جل في علاه: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرقَانَ عَلَى عَبدِهِ)، وَقَالَ سُبحَانَهُ وتعالى: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبدُ اللَّهِ يَدعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَدًا). وَجَعَلَ اللَّهُ عز وجل العُبُودِيَّةَ كَذَلِكَ وَصْفَ أَنبِيَائِهِ وَالمُقَرّبِينَ مِن مَلَائِكَتِهِ، قَالَ سُبحَانَهُ وتعالى: (لَنْ يَستَنكِفَ المَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبدًا لِلَّهِ وَلَا المَلَائِكَةُ المُقَرَّبُونَ).


فَأَنبِيَاءُ اللَّهِ وَمَلَائِكَتُهُ وَالمُقَرّبُونَ مِن عِبَادِهِ نَالُوا شَرَفَ العُبُودِيَّةِ لِلَّهِ، فَارتَفَعَت مَقَامَاتُهُم، وَعَلَت دَرَجَاتُهُم، فَاستَغنَوا بِافتِقَارِهِم لِرَبِّهِم، وَاعتَزُّوا بِتَذَلُّلِهِم لِمَولَاهُم.


عِبَادَ اللَّهِ: إنّ عِبَادَةَ المَخلُوقِ لِرَبِّهِ لَيسَت عَن حَاجَةٍ بِالرَّبِّ لِهَذِهِ العِبَادَةِ، فَاَللَّهُ عز وجل غَنِيٌّ عَنَّا وَعَن طَاعَاتِنَا، بَل هِيَ لِحَاجَةِ المَخلُوقِ وَاضطِرَارِهِ لَهَا، وَعَدَمِ انفِكَاكِهِ عَنهَا، فَالعَبدُ عَابِدٌ لَا مَحَالَةَ، فَإِمّا أَن يَعبُدَ اللَّهَ وَإِمّا أَن يَعبُدَ غَيرَهُ.


وَكُلُّ مَنِ استَكبَرَ عَن عِبَادَةِ اللَّهِ عَزّ وَجَلَّ فَلَابُدَّ أَن يُبتَلَى بِعِبَادَةِ مَن لَا يَستَحِقُّ أَن يُعبَدَ، فَيَعبُدَ المَخلُوقِينَ، وَيَعبُدَ هَوَاهُ، وَيَعبُدَ شَيطَانَهُ، وَيَعبُدَ دُنيَاهُ، قَالَ اللَّهُ سُبحَانَهُ وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمثَالُكُم فَادْعُوهُم فَليَستَجِيبُوا لَكُم إِنْ كُنتُم صَادِقِينَ). وَقَالَ عز من قائل: (أَفَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلمٍ). وَقَالَ كذلك عَزَّ وَجَلَّ: (أَلَم أَعهَدْ إِلَيكُم يَا بَنِي آدَمَ أَن لَا تَعبُدُوا الشَّيطَانَ).


وَفِي الحَدِيثِ الَّذِي يَروِيه الإمامِ البُخَارِيُّ رحمه الله عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «تَعِسَ عبدُ الدِّينَارِ، وَعَبدُ الدِّرهَمِ، وَعَبدُ الخَمِيصَةِ، إن أُعطِيَ رَضِيَ، وإن لَم يُعطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانتَكَسَ، وإذَا شِيكَ فلا انتَقَشَ».


 فَهَؤُلَاءِ لَمَّا أَعرَضُوا عَن عِبَادَةِ اللَّهِ عَبَدُوا مَا لَا يَضُرُّ وَلَا يَنفَعُ، قال الله عز وجل (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُم عِزًّا * كَلَّا سَيَكفُرُونَ بِعِبَادَتِهِم وَيَكُونُونَ عَلَيهِم ضِدًّا).


 عِبَادَ اللَّهِ: التَّوَجُّهُ إِلَى اللَّهِ وَالِاستِقَامَةُ عَلَى طَاعَتِهِ وَلُزُومُ عَتَبَةِ عُبُودِيَّتِهِ سَبَبٌ لِلفَلَاحِ وَالنَّجَاحِ فِي كُلِّ وَقتٍ وَحِينٍ، وَكُلُّ مَا يَحصُلُ لِلعَبدِ مِن خَيرٍ فِي دُنيَاهُ وَأُخرَاهُ فَهُوَ مِن ثَمَرَاتِ هَذِهِ العُبُودِيَّةِ، قَالَ عز وجل: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ).


وَإِنّ مِنَ الآثَارِ الطَّيّبَةِ المُعَجَّلَةِ الَّتِي يَجِدُهَا المُؤمِنُ فِي قَلبِهِ: حَلَاوَةَ الطَّاعَةِ وَلَذَّةَ العُبُودِيَّةِ، فَإِنّ لِلإِيمَانِ حَلَاوَةً يَجِدُهَا أَهلُهُ فِي قُلُوبِهِم، يَستَلِذُّونَ مَعَهَا الطَّاعَاتِ، وَيَتَحَمَّلُونَ فِي سَبِيلِهَا المَشَقَّاتِ، وَمَا يَجِدُونَهُ فِي قُلُوبِهِم مِن لَذَّةِ العُبُودِيَّةِ أَعظَمُ مِن كُلِّ حَلَاوَةٍ، وَأَلَذُّ مِن كُلِّ مَطعُومٍ.


وَكُلّمَا كَانَ العَبدُ أَطوَعَ لِرَبِّهِ، وَأَشَدَّ استِقَامَةً عَلَى طَاعَتِهِ، وَأَكثَرَ مَحَبّةً لَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَانَت لَذَّةُ الطَّاعَةِ أَكمَلَ فِي حَقّهِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَن يُحِبَّ المَرءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَن يَكرَهَ أَن يَعُودَ فِي الكُفرِ كَمَا يَكرَهُ أَن يُقذَفَ فِي النَّارِ» (حديث مُتَّفَقٌ عَلَيهِ).


وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَن رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- رَسُولًا» (رَوَاهُ الإمام مُسلِمٌ رحمه الله).


وَهَذَا نَبِيُّنَا وَقُدوَتُنَا صلى الله عليه وسلم يَتَلَذَّذُ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ، فَيَقُومُ مِن اللَّيلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، وَقَد غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وَمَا تَأَخّرَ، فَكَانَ نَعِيمُهُ وَقُرَّةُ عَينِهِ وَطُمَأنِينَتُهُ وَرَاحَةُ بَالِهِ فِي طَاعَتِهِ لِرَبِّهِ، كَيفَ لَا وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَقُولُ لِبِلَالٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: «أَرِحْنَا بِالصَّلَاةِ»، وَيَقُولُ كذلك صلى الله عليه وسلم : «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَينِي فِي الصَّلَاةِ».


وَلـمّا احتُضِرَ التّابعيُّ العَابِدُ عَامِرُ بنُ عَبدِ القَيسِ رحمه الله، جَعَلَ يَبكِي فَقِيلَ: مَا يُبكِيكَ؟ قَالَ: مَا أَبكِي جَزَعًاَ مِن المَوتِ، وَلَا حِرصًا عَلَى الدُّنيَا، وَلَكِنْ أَبكِي عَلَى ظَمَأِ الهَوَاجِرِ، وَقِيَامِ اللَّيلِ.


وَقَد كَانَ الوَاحِدُ مِنهُم يَختِمُ القُرآنَ فِي رَكعَةٍ مَا يَجِدُ لِذَلِكَ تَعَبًا وَلَا مَشَقَّةً، وَإِنّمَا هُوَ الأُنسُ وَالرَّاحَةُ.


بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ وَالسُّنَّةِ، وَنَفَعنَا بِمَا فِيهِمَا مِن الآيَاتِ وَالحِكمَةِ، أَقُولُ قَولِي هَذَا، وَأَستَغفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُم فَاستَغفِرُوهُ، فَيَا فَوزَ المُستَغفِرِينَ.


الخطبة الثانية:


الحَمدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَمَن وَالَاهُ، وَبَعدُ:


عِبَادَ اللَّهِ: رَبُّنَا عز وجل شَكُورٌ يَشكُرُ عَمَلَ عَبدِهِ، وَيُكَافِئُ مَن تَقَرّبَ إِلَيهِ بِأَن يُدخِلَهُ جَنَّةً فِي الدُّنيَا قَبلَ جَنَّةِ آخِرَتِهِ، فَيَقذِفَ فِي قَلبِهِ لَذَّةَ طَاعَتِهِ وَمَحَبَّةَ عِبَادَتِهِ.


فَمَا بَالُنَا اليَومَ قَد فَقَدْنَا لَذَّةَ العُبُودِيَّةِ، وَغَابَ عَنَّا لُبُّهَا وَرُوحُهَا، وَصَارَتْ أَغلَبُ عِبَادَاتِنَا مُجَرَّدَ حَرَكَاتٍ، وَثَقُلَتْ عَلَينَا كَثِيرٌ مِن الطَّاعَاتِ، وَمَا بَالُنَا نَدخُلُ فِي العِبَادَةِ وَنَخرُجُ مِنهَا كَمَا دَخَلنَا، وَتَمُرُّ عَلَينَا مَوَاسِمُ الخَيرِ وَلَم نَتَزَوّد مِنهَا بِمَا يَنفَعُنَا؟


إِنَّ الجَوَابَ عَن هَذِهِ السُّؤَالَاتِ يَتَطَلَّبُ مِنَّا وَقفَةً صَادِقَةً نُحَاسِبُ فِيهَا أَنفُسَنَا، وَتَوبَةً خَالِصَةً عَسَى رَبُّنَا أَن يُصلِحَ بِهَا حَالَنَا، وَإِنّ مِمَّا يُعِينُ عَلَى وِجدَانِ حَلَاوَةِ الطَّاعَةِ وَلَذَّةِ العِبَادَةِ:


مُجَاهَدَةَ النَّفسِ، قَالَ الله عز وجل: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ)، وَقَالَ سبحانه عَزَّ وَجَلَّ: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَينَاهُمْ مِن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا).


فَالتَّنَعُّمُ بِالعِبَادَةِ يَحصُلُ بِالمُصَابَرَةِ وَالتَّعَبِ أَوَّلًا، فَإِذَا صَبَرَ العَبدُ وَصَدَقَ فِي صَبرِهِ أَفضَى بِهِ إلَى هَذِهِ اللَّذَّةِ، وَمَن عَلِمَ عِظَمَ مَا يَطلُبُ هَانَ عَلَيهِ مَا يَبذُلُ.


فَمَن جَدَّ وَبَذَلَ السَّبَبَ وَسَعَى فِي نَيلِ مَطلُوبِهِ، وَسَأَلَ اللَّهَ بِإِخلَاصٍ، فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيهِ وَأَعَانَهُ وَسَدّدَهُ.


قَالَ بَعضُ السَّلَفِ: "كَابَدْتُ الصَّلَاةَ عِشرِينَ سَنَةً، ثُمَّ تَنَعَّمْتُ بِهَا عِشرِينَ سَنَةً".


وَقَالَ بَعضُهُم: "مَا زِلتُ أَسُوقُ نَفسِي إِلَى اللَّهِ وَهِيَ تَبكِي، حَتَّى سُقتُهَا وَهِيَ تَضحَكُ".


وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى وِجدَانِ حَلَاوَةِ الطَّاعَةِ وَلَذَّةِ العُبُودِيَّةِ لله عز وجل:

مَعرِفَةُ اللَّهِ عَزّ وَجَلَّ وَمَحَبَّتُهُ وَالأُنسُ بِقُربِهِ وَالشَّوقُ إِلَى لِقَائِهِ: فَإِنَّ أَعظَمَ لَذَّةٍ فِي الدُّنيَا مَعرِفَةُ اللَّهِ بِأَسمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفعَالِهِ، وَالتَّقَرُّبُ إِلَيهِ سُبحَانَهُ وتعالى بِمَا يُرضِيهِ، قَالَ عبد الله ابنُ المُبَارَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ: "مَسَاكِينُ أَهلُ الدُّنيَا، خَرَجُوا مِنهَا وَمَا ذَاقُوا أَطيَبَ مَا فِيهَا"، قِيلَ: وَمَا أَطيَبُ مَا فِيهَا؟ قَالَ: "مَحَبَّةُ اللَّهِ وَمَعرِفَتُهُ وَذِكرُهُ".


فَمَنْ عَرَفَ اللَّهَ عز وجل حَقًّا أَحَبَّهُ، وَمَن أَحَبَّهُ أَنِسَ بِهِ وَبِطَاعَتِهِ، وَسَهُلَ عَلَيهِ مَا شَقَّ عَلَى غَيرِهِ.


وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى وِجدَانِ حَلَاوَةِ الطَّاعَةِ وَلَذَّةِ العُبُودِيَّةِ لله عز وجل:

البُعدُ عَن الذُّنُوبِ: وَتَركُ الشَّهَوَاتِ المُحَرَّمَةِ وَالشُّبُهَاتِ البَاطِلَةِ، فَإِنّهَا حُجُبٌ تَمنَعُ النُّورَ أَنْ يَدخُلَ إِلى القَلبِ وَيَحُلَّ فِيهِ.


وَكَمَا لَا يَجِدُ الجَسَدُ لَذَّةَ الطَّعَامِ عِندَ مَرَضِهِ فَكَذَلِكَ القَلبُ لَا يَجِدُ حَلَاوَةَ العِبَادَةِ مَعَ سَقَمِهِ، فَالقَلبُ إِذَا كَانَ مَرِيضًا لَم يَذُقْ طَعمَ الطَّاعَةِ وَلَا لَذَّةَ العِبَادَةِ.


فَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن الذُّنُوبِ، وَبِخَاصَّةٍ ذُنُوبَ الخَلَوَاتِ، فَإِنّهَا لَا تَزَالُ بِالعَبدِ حَتَّى تَسلُبَهُ إِيمَانَهُ، وَتَكُونَ سَبَبًا فِي سُوءِ خَاتِمَتِهِ -أَعَاذَنَا اللَّهُ جَمِيعًا مِن ذَلِكَ-.


وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى وِجدَانِ حَلَاوَةِ الطَّاعَةِ وَلَذَّةِ العُبُودِيَّةِ لله عز وجل:

الِاستِعَانَةُ بِاللَّهِ، وَالإِكثَارُ مِن دُعَائِهِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَيهِ سُبحَانَهُ وتعالى، فَلَا تَوفِيقَ إِلَّا بِاللَّهِ، قَالَ عَزّ وَجَلّ: (وَلَولَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيكُمْ وَرَحمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِن أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، وَقَالَ سُبحَانَهُ وتعالى: (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيكُمُ الكُفرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ).


وَقَد كَانَ مِن دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ أَعِنّي عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ» رَوَاهُ الإمام أَبُودَاوُدَ رحمه الله.


ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ.

الختم بالدعاء ...


من مركز حصين للدراسات والبحوث

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-