رأس السنة الهجرية مناسبات عديدة في مناسبة واحدة - خطبة مؤثرة

 رأس السنة الهجرية مناسبات عديدة في مناسبة واحدة - خطبة مؤثرة 

رأس السنة الهجرية مناسبات عديدة في مناسبة واحدة - خطبة مؤثرة


رأس السنة الهجرية مناسبات عديدة في مناسبة واحدة - خطبة مؤثرة 


بسم الله الرحمان الرحيم


عناصر الخطبة: 

  • رأس السنة الهجرية يذكرنا بالعمر الذي يتآكل بالسنوات 
  • رأس السنة الهجرية مناسبة لمحاسبة النفس
  • رأس السنة الهجرية يذكرنا بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم
  • رأس السنة الهجرية مناسبة لإخراج الزكاة


اقتباس من الخطبة:

  • وسوف تجمع هذه السنة حقائبها لتنصرف محملة بملفات أعمالنا الصالحة والطالحة ..
  • ينبغي أن يقف كل واحد منا عند رأس السنة الهجرية، ليحاسب نفسه، ليراجع رصيده ..
  • لِنَجْعَلْ مِن هَذِهِ اَلسَّنَةِ سَنَةً صَافِيَةً؛ لَنَا عَلَاقَاتٌ حَسَنَةٌ لِنَكُونَ مَحْبُوبينَ عِنْدَ رَبِّنَا


الخُطْبَةُ الأُولى:


 الحمد لله الواحد القهار، {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ}، وأشهد أن لا إله إلا الله عالم الخفايا والأسرار، والمطلع على مكنون الضمائر والأفكار، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خير الأبرار، باتباعه ينال المسلم المقاصد والأوطار، ويحاسب نفسه على الأخطاء ويتجنب الأخطار، 


صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الأطهار، وعلى التابعين لهم بإحسان ما اختلف الليل والنهار.


أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون؛ أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله وطاعته، اللهم اجعلنا من الذين يعلَمون فيقولون، ويقولون فيعمَلون، ويعمَلون فيُتقنون، ويُتقنون فيُخلصون، ويُخلصون فيُقبَلون.


ها نحن في آخر جمعة في هذه السنة الهجرية، وبعد أيام معدودة سوف نخطو إلى سنة جديدة، وسوف تجمع هذه السنة حقائبها لتنصرف محملة بملفات أعمالنا الصالحة والطالحة، شاهدة لنا أو علينا، حاملة أوراق العباد ليوم الحساب والتناد؛ فطوبى لمن مرت به هذه السنة وهو متلبس بالتقوى والفضائل، وويل لمن مرت به وهو منهمك في مستنقعات المعاصي والرذائل، وهي ذكرى تحمل إلينا عدة ذكريات، ومناسبة تحمل إلينا في طياتها عدة مناسبات، كلها تستحق التنبيه إليها والوقوف عندها لنتعلم منها:


المناسبة الأولى: 


إن رأس السنة الهجرية ليذكرنا بالعمر الذي يتآكل بالسنوات؛ ماذا قدمنا فيها؟ وماذا ضيعنا؟ ماذا فعلنا بمسؤولياتنا الطويلة والعريضة؟ 


فالأيام تنقضي، وتعمل عملها في عمر الإنسان، والعمر يمضي وما مضى منه لن يعود أبدا، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: فيما روى الحاكم وصححه: «اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك»، 

ويقول عمر بن عبد العزيز: «يا ابن آدم إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما»، ويقول الحسن البصري: «يا ابن آدم إنما أنت مجموعة من الأيام، كلما ذهب يوم ذهب بعضك».


 المناسبة الثانية: 


ينبغي أن يقف كل واحد منا عند رأس السنة الهجرية، ليحاسب نفسه، ليراجع رصيده، ليعرف الربح فيحافظ عليه، ويعرف الخسارة لينقد -قبل فوات الأوان- نفسه: 

ما ذا قدم وما ذا أخر؟ ما ذا في صحيفة المكاسب وما ذا في صحيفة الخسائر؟ ما ذا في كتاب الحسنات وما ذا في كتاب السيئات؟ 

فإن رأى عملا صالحا شكر الله على الهداية، وإن رأى غير ذلك استغفر الله وتاب إليه من الغواية؛ فإنه سبحانه كان للذنوب غفارا؛ يقول الرسولصلى الله عليه وسلم: فيما روى الترمذي وحسنه والطبراني واللفظ له: «لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ما ذا عمل به».


المناسبة الثالثة: 


هي هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، نتذكرها في رأس السنة الهجرية ليس لأن الهجرة وقعت في شهر محرم كما يعتقد البعض، بل لأن شهر محرم هو بداية عام هجري جديد. أما الهجرة فإنما وقعت في شهر ربيع الأول الشهر الثالث من السنة الهجرية. 


والهجرة حدث جلل ونقطة تحول هامة، في تاريخ الإنسانية عامة، بها تحول الإسلام من مضطهد في مكة إلى حاكم في المدينة، بها أسس الرسولصلى الله عليه وسلم أول دولة في الإسلام؛ فهي الهجرة التي تحمل في طياتها معاني الشجاعة والتضحية والفداء، ومعاني النصر والصبر والإيباء، ومعاني التوكل والقوة والإخاء، ومعاني الاعتزاز بالله وحده مهما بلغ كيد الأعداء، 

وهي مدرسة تربوية عظيمة، أستاذها سيدنا محمدصلى الله عليه وسلم، وحارسها العام جبريل عليه السلام، ومديرها الله سبحانه وتعالى، وتلامذتها أمة الإسلام، وهي رحلة تشريعية من مكة إلى المدينة عبر الغار، راسمة للتاريخ والأجيال الفوائد والآثار، مقدمة دروسا نافعة للأمة في مستهل عامها الجديد. 


المناسبة الرابعة: 


هي إخراج الزكاة؛ لأن كثيرا من الناس في هذه الأيام يخرجون زكاة أموالهم، ليس لأنها مرتبطة برأس السنة أو بعاشوراء كما يعتقد البعض؛ بل الزكاة مرتبطة بتمام السنة في أي شهر كان، ولكن لما كان أجدادنا يبدؤون تجارتهم في رأس السنة بقيت الزكاة مرتبطة بها.

 

والزكاة هي ركن من أركان الإسلام، سماها القرآن الكريم طهارة، فقال سبحانه: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها}، 

وهي ليست مجرد دريهمات تدفع للفقراء وكفى؛ بل إنها طهارة القلوب وتزكية النفوس، تطهر المجتمع من أمراض الأغنياء وأوساخ الأموال، من الكبر والإعجاب بالنفس، ومن الأنانية وحب الذات والدوران على النفس، ومن البخل والشح والشره والطمع، وكلها أمراض خطيرة، متلازمة ومترابطة، لا يكاد الإنسان يستسلم لواحدة منها إلا وجاءت البقية من بعدها تباعا، كما تطهر الفقراء من أمراض الفقر والحرمان من بغض الأغنياء، وحسدهم، والحقد عليهم، والعمل على إيذائهم، والسطو على ممتلكاتهم.


أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين، والحمد لله رب العالمين


الخطبة الثانية:


الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَصَلَّى اللَّهُ وسلَّمَ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى وَآلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَن اِقْتَفَى. 

أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون؛ 

هكذا كنا معكم اليوم في هذه الخطبة متنقلين عبر هذه المناسبات الأربعة التي جمعت لنا في مناسبة واحدة؛ لأن رأس السنة الهجرية هو:

  • مناسبة تنبهنا إلى العمر الذي يتآكل بمرور السنوات.
  • مناسبة تنبهنا إلى محاسبة النفس على الذنوب والسيئات. 
  • مناسبة الهجرة النبوية وما فيها من العبر والعظات.
  • مناسبة الزكاة المطهرة وهي حق معلوم للسائل وذوي الحاجات.

والواجب على كل مسلم أن يستفيد من كل هذه المناسبات.


ألا فاتقوا الله عباد الله وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم...


اعداد الخطيب: ذ، عبد الله بنطاهر 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-