خطبة عن التعلق بالقرآن الكريم

ما صاحب عبد كتاب الله في الدنيا تلاوة، وتعلما وتدبرا وعملا إلا وجد هذا الصاحب وفيا يوم القيامة اقيامة .
بسم الله الرحمان الرحيم

خطبة جمعة حول التعلق بالقرآن الكريم 

 الخطبة الأولى:

إن الحمد لله ... (المقدمة) ، 

أما بعد : 

معشر المومنين والمومنات: يقول الله عز وجل (اِنَّ اَ۬لذِينَ يَتْلُونَ كِتَٰبَ اَ۬للَّهِ وَأَقَامُواْ اُ۬لصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ سِرّاً وَعَلَـٰنِيَةً يَرْجُونَ تِجَٰرَةً لَّن تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمُۥٓ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِۦٓ إِنَّهُۥ غَفُورٌ شَكُورٌ)، في هذه الآية الكريمة يبشر الله عباده المقبلين عليه بكثرة تلاوة كلامه عز وجل، وحرصهه على إقامة الصلاة بطهورها وأركانها والحرص على أوقاتها وخشوعها، وحرصهم كذلك على الزكاة والصدقات، يبشر الله عز وجل من هذه صفاتهم، ب (تِجَٰرَة لَّن تَبُورَ)َ وهي الجنة، ومضاعفة الحسنات (لِيُوَفِّيَهُمُۥٓ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ)، إذا فمن صفات هؤلاء المكرمين، الدوام على تلاوة القرآن الكريم، وتخصيص جلسات لصحبة كتاب الله عز وجل، فقوله عز وجل (يَتْلُونَ كِتَٰبَ اَ۬للَّهِ)، جاءت بصيغة المضارع التي تفيد الدوام على التلاوة، وهم بصنيعهم هذا يسلكون طريق الهداية والفلاح في الدنيا والآخرة، قال الله عز وجل (اِنَّ هَٰذَا اَ۬لْقُرْءَانَ يَهْدِے لِلتِے هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ اُ۬لْمُومِنِينَ اَ۬لذِينَ يَعْمَلُونَ اَ۬لصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمُۥٓ أَجْراً كَبِيراً)، وقال عز وجل (طَسِٓ تِلْكَ ءَايَٰتُ اُ۬لْقُرْءَانِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ هُديً وَبُشْر۪ىٰ 
لِلْمُومِنِينَ). 
عباد الله: إن تلاوة القرآن هي سمة الإيمان، فمن كان مؤمنا بالله فلا بد أن يُحلي إيمانه بقراءة كتاب الله، وذلك عنوان كمال إيمانه، قال سبحانه وتعالى في كتابه: (اِ۬لذِينَ ءَاتَيْنَٰهُمُ اُ۬لْكِتَٰبَ يَتْلُونَهُۥ حَقَّ تِلَـٰوَتِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ يُومِنُونَ بِهِۦ وَمَنْ يَّكْفُرْ بِهِۦ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ اُ۬لْخَٰسِرُونَ) 
  وتلاوة القرآن وتلاوة القرآن الكريم تزيد في الحسنات وترفع في الدرجات ، روى الإمام الترمذي رحمه الله،عن عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه،أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ»
  وما صاحب عبد كتاب الله في الدنيا تلاوة، وتعلما وتدبرا وعملا إلا وجد هذا الصاحب وفيا يوم القيامة، ففي صحيح مسلم عن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ »، وروى الامام أحمد والامام الطبراني في الكبير رحمهما الله، عن عبد اللهِ بن عمرٍو رضي الله عنه وأرضاه، أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: " الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: رَبِّ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، فَيُشَفَّعَانِ " 
  عباد الله: هذه أسئلة مصيرية،فليطرحها كل واحد منا على نفسه،كم أقرأ من القرآن في اليوم؟متى كان آخر عهدي بكتاب الله؟ ما هو آخر يوم حملت فيه المصحف الشريف بيدي؟ هذا إن كنت أقرأ، أما إن كنت لا أعرف القراءة، فما حظي من الإنصات لكلام الله عز وجل، فالذي يستمع شريك للقارئ في الأجر، خاصة مع وجود الأشرطة المسجلة والقنوات الخاصة بالقرآن الكريم.
  وفي المقابل كم أقضي مع الهاتف النقال واللوحات الإلكترونية؟ كم أقضي جوار الحاسوب والتلفاز، متنقلا من قناة إلى قناة؟ كم أقضي في القيل والقال والتحدث في هوس الدنيا؟ هل سأبقى مخلدا في الدنيا؟ ألم يخاطبني ربي عز وجل في كتابه قائلا (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ)، ألم ينبهني قوله عز وجل (قُلِ اِنَّ اَ۬لْمَوْتَ اَ۬لذِے تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُۥ مُلَـٰقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ اِ۬لْغَيْبِ وَالشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)، ألا أحتاج إلى من يشفع لي يوم القيامة، ألا أحتاج إلى من يأخذ بيدي إلى الجنة، فإذا كنت مفرطا في صحبة القرآن فلأبادر إلى التوبة من تقصيري وتفريطي في حقه ، ولأجدد صلتي به، ولأخصص أوقاتا يومية في تلاوته وتدبره ومدارسته قبل أن يأتي نبيي صلى الله عليه وسلم الذي أنتسب لأمته فيشهد لي شهادة في حق كتاب الله عز وجل قائلا (يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا)، فأندم في يوم لا تنفع فيه الندامة.
 أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، والحمد لله رب العالمين. 

الخطبة الثانية: 

الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، وعلى آله ومن والاه . 

أما بعد :

  عباد الله: روى روى الإمام أحمد رحمه الله وغيره، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه، أن صلى الله عليه وسلم قَالَ: " يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وَارْقَ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا "
 هذه بشارة أخرى لمن تعلق قلبه بكتاب الله عز وجل،وداوم على صحبته في الدنيا،تلاوة وتعلما وتدبرا وعملا ،فبعد أن يدخله مولاه عز وجل جنته ،يأخذ بيده القرآن الذي صحبه في الدنيا،فيرقى به في درجات الجنة،قالت أمنا عائشة رضي الله عنها: «إِنَّ عَدَدَ دَرَجِ الْجَنَّةِ عَلَى عَدَدِ آيِ الْقُرْآنِ، فَلَيْسَ أَحَدٌ مِمَّنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ أَفْضَلَ مِمَّنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ».
  فاتقوا الله عباد الله واصطلحوا مع ربكم عز وجل ومع كتابه،تهتدوا في الدنيا،وترقوا في درجات الجنة في الآخرة . 
الختم بالدعاء ... 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-