خطبة عن الأخوة في الله وفضل الجماعة

 الأخوة في الله طريق لمحبة الله تعالى، وشفاعة يوم القيامة

الأخوة في الله وفضل الجماعة

بسم الله الرحمان الرحيم

الخطبة الأولى: 

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وتنال القربات، وترفع الدرجات، والصلاة والسلام على أشرف الكائنات سيدنا وحبيبنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم. 

 أما بعد: 

  معشر المسلمين والمسلمات: أوصيكم ونفسي بتقوى الله وطاعته، لقوله جل في علاه: (يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ اُ۪تَّقُواْ اُ۬للَّهَ حَقَّ تُق۪اتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) 

ثم أما بعد: 

  معشر المومنين والمومنات: إن من أعظم نعم الله تعالى على المسلمين تلك الرابطة التي تجمعهم وهي رابطة الأخوة والمحبة في الله تعالى، وهذه الرابطة هي التي تبقى إذا ذهبت بقية الروابط والصلات، سواء كان ذلك في الدنيا أم في الآخرة، فأما في الدنيا فقد شاهد الناس وعايشوا أمماً ودولاً وقبائل متناحرة، سرعان ما ذهبت إلى غير رجعة ولم يبق منها إلا ذكر الديار والأطلال، وبقيت الأخوة الإيمانية منذ أن خلق الله آدم إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة.. وأما في الآخرة فإن كل رابطة على غير الإسلام تصبح لعنة على أصحابها، كما قال تعالى: (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) .
  ولعظم هذه الأخوة نجد قدوتنا النبي صلى الله عليه وسلم أول مابدأ به دعوته الأخوة في الله حيث تجلت هذه الأخوة في أبهى صورها في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتداءً من الأخوة بين السابقين من المسلمين في مكة، على اختـلافهم في الألوان والألسن والأوطان، آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وعمه حمـزة القرشي وأبى ذر الغفاري وصهيب الرومي وبلال الحبشي رضي الله عنهم، ثم آخى النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته بين سكان المدينة من الأوس والخزرج، بعد حروب دامت لسنين، وصراع مرير، ثم آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين من أهل مكة وبين أهل المدينة من الأنصار، فارتبطت قلوب بعضهم ببعض وراحوا يرددون جميعاً بلسان حالهم قول الله عز وجل (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُـونَ إِخْوَةٌ ) 
عباد الله: لقد دلت الأدلة الشرعية على عظيم فضل الأخوة في الله. فمن ذلكم: 
  • أن الأخوة في الله طريق لمحبة الله تعالى : ففي الحديث القدسي ، يقول اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ » 
  • والمتآخون في الله في ظل الله تعالى يوم القيامة: روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ لِجَلَالِي؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي " 
  عباد الله: وهذه منزلة أخرى للمتآخين والمتحابين في الله من منا لا يتمناها وهي أن يغبطك يوم القيامة النبيون والشهداء، روى أبو داود والبيهقي في الشعب، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضي اللهُ عَنهُ أن رســــــول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ، قَالَ: «هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ» وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) 
  فالله اجعلنا من المتحابين فيك حق المحبة، ومن المتجالسين فيك ، والمتزاورين فيك ،أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 

الخطبة الثانية: 

  الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى من لنهجه اقتفى. 

أما بعد: 

عباد الله: إن مما يزيد هذه الأخوة توطيدا ويرقى بالعبد في مدارج الإيمان والإحسان لزوم جماعة المومنين والتعاون معهم على البر والتقوى، فالجماعة رحمة لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث النعمان بن بشير، أنه قال: «الجماعة رحمة، والفُرقة عذاب» قال تجل في علاه (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )، و رواه الترمدي وقال حديث حسن صحيح عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «عليكم بالجماعة ، وإياكم والفُرقة ، فإن الشَّيطان مع الواحد ، وهو من الأثنين أبعد ، ومن أراد بُحْبُحة الجنةِ فعليه بالجماعة»، قال عز من قائل (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) 
الختم بالدعاء...
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-