الصيام تربية على الإحساس بمأساة الآخرين - خطبة مؤثرة

 الصيام تربية على الإحساس بمأساة الآخرين - خطبة مؤثرة 

الصيام تربية على الإحساس بمأساة الآخرين - خطبة مؤثرة
الصيام تربية على الإحساس بمأساة الآخرين - خطبة مؤثرة 

الصيام تربية على الإحساس بمأساة الآخرين من أجل الإحسان إليهم

بسم الله الرحمان الرحيم


عناصر الخطبة:

  • تعريف الصيام
  • غاية الإسلام في الصيام
  • أحوال الناس في سوء فهم غاية الصيام
  • فضل الصدقة وخاصة في رمضان


اقتباس من الخطبة:

  • الهدف الأول للإسلام في الصيام هو الإحساس بجوع الآخرين من أجل الإحسان إليهم ..
  • قال صلى الله عليه وسلم فيما روى الترمذي: «أفضل الصدقة صدقة رمضان» ...
  • إن أعظم ما في الصدقة أنها تطفئ الخطايا وتمحو الذنوب ..


الخُطْبَةُ الأُولى:

 الحمد لله الذي جعل الصيام ركنا من أركان الإسلام، وشرع الصدقة في مال الأغنياء طهرة لهم من البخل والشح والآثام، ومواساة لذوي الحاجة والأرامل والأيتام، وأشهد أن لا إله إلا الله ذو الجلال والإكرام، جعل الإنفاق في رمضان تزكية للنفوس وتخفيفا للآلام، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الكرام، وعلى التابعين لهم بإحسان ما دامت الشهور والأعوام.


 أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله وطاعته.

 ها رمضان قد حل بساحتنا فقد أوجب الله تعالى فيه الصيام؛ والصيام هو الإمساك عن الأكل والشرب نهارا من طلوع الفجر إلى تحقق غروب الشمس.


 ولكن الإسلام لا يريد للمسلم ذلك الصيام الجاف، الخالي من معاني التكافل الاجتماعي؛ بل الهدف الأول للإسلام في الصيام هو الإحساس بجوع الآخرين من أجل الإحسان إليهم، هو أن يجعل المسلم الغني يحس بمأساة الجائعين، وبحرمان المحرومين، يشعر بذلك وهو صائم وسط النهار من صوت المعدة ونداء الأمعاء، دون خطبة بليغة ولا لسان فصيح.

 ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر من الصدقة في رمضان، ويستعد بها لرمضان، وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما روى الترمذي: «أفضل الصدقة صدقة رمضان» قال ابن عباس رضي الله عنهما فيما روى البخاري: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فإذا لقيه كان أجود بالخير من الريح المرسلة».


 والله عز وجل جعل المجتمع طبقات فمنه الأغنياء ومنه الفقراء فجعل الأغنياء اختبارا وامتحانا للفقراء؛ هل يرضون بما قسم الله لهم أم يسخطون؟ والرسول يقول: «إذا أحب الله قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط»؛ كما جعل الفقراء اختبارا وامتحانا للأغنياء؛ هل يشكرون نعمة الله عليهم فينفقون منها، أم يكفرون فيبخلون بها؟ والله تعالى يقول: {لئن شكرتم لأزيدنكم، ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} والنعمة إذا شكرت قرت وزادت وإذا كفرت فرت وزالت،

 ولكننا في هذه المسألة خالفنا المطلوب؛ والدليل على ذلك أنك ترى الناس في الأسواق تدور وتتقلب، لتجلب من المأكولات ما تحتاج إليه الموائد وتتطلب، لا تجتنب أرخصها ولا من أغلاها تتهرب، حتى يتم كل شيء صالح للأكل على الموائد يترتب، ثمار وفواكه وتمور، وحلويات وشباكيات ولحوم، ومكونات لشربة الحريرة وأكلة البغرير؛ بينما رمضان فرصة للفوائد لا للموائد، فرصة لتنقية الأفئدة لا لملئ المعدة، فرصة للتسلح بالأخلاق لا لتنمية الأذواق؛

 وكثير من الأطباء والخبراء المتخصصين في التغذية يدقون ناقوس الخطر، ويحذرون من حالات الإسراف التي تؤدي بنا إلى الإشراف على الهلاك، سكريات بالأنواع؛ ولحوم حمراء إلى حد الإشباع، حالات سببت لنا أمراضا في المعدة والأمعاء، وارتفاعا للملح والسكر وضغطا في الأعصاب والدماء؛ كل ذلك من جراء الأكل بدون نظام ولا انتظام، وإنك لترى من الناس من يجمع على مائدته في رمضان من ألوان الطعام وصنوف الشراب ما يكفي الجماعة من الناس، ومع ذلك لا يأكل إلا القليل منها، ثم يلقي بالباقي في الأزبال والنفايات، وبجانبنا فقراء يعانون من ألوان الحرمان وصنوف الجوع؛

 بل من الناس أمَم وشعوب يموتون جوعا، لا يجدون ما يسدون به رمقهم؛ كأن رمضان عندنا معرضا لفنون الأطعمة والأشربة، حيث تزداد فيه تخمة الغني بقدر ما تزداد حسرة الفقير! وإن من أعظم العبادات في رمضان إفطار الصائمين؛ روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من فطَّر صائماً كان له مثلُ أجره، غيرَ أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً».

 أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين والحمد لله رب العالمين.


الخطبة الثانية:

 الحمد لله رب العالمين...

 أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون؛ إن أعظم ما في الصدقة أنها تطفئ الخطايا وتمحو الذنوب، فما أحوجنا إلى إطفاء خطايانا السائدة في شوارعنا وبيوتنا! فما أحوجنا إلى إطفاء خطايا الغيبة والنميمة والكذب وشهادة الزور، خطايا التدخين والمخدرات والخمور، خطايا التبرج والزنا والسفور، خطايا الربا والرشوة والغش والقمار، فالإنسان مهما بلغ ومهما فعل فهو ضعيف، تستهويه الأشياء الجميلة فيلهث وراءها، غير مبال بطرق الوصول إليها، فيقع في أخطاء كثيرة، مدفوعا من شياطين الإنس والجن، والنفس الأمارة بالسوء، والهوى المتبع، وجوارحه التي تحيط به قد تخونه في أية لحظة، فإن حفظ فرجه خانه بطنه فيأكل الحرام، وإن حفظ بطنه خانه لسانه فيأكل لحوم عباد الله، وإن حفظ لسانه فخائنة الأعين له بالمرصاد، وإن صفدت الشياطين في رمضان فهذه الأشياء تبقى ضد الإنسان، فاحتاج إلى ما يطفئ به هذه الخطايا؛ وها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيما روى أبو يعلى بإسناد صحيح: «الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشق تمرة».

 ألا فاتقوا الله عباد الله وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم…

الختم بالدعاء ...

اعداد الخطيب: ذ، عبد الله بنطاهر.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-