خطبة مؤثرة حول الزلازل: آيات وعظات

 خطبة مؤثرة حول الزلازل: آيات وعظات

خطبة مؤثرة حول الزلازل: آيات وعظات
خطبة مؤثرة حول الزلازل: آيات وعظات


خطبة مؤثرة حول الزلازل: آيات وعظات


عناصر الخطبة:

  • استقرار الأرض واتزانها 
  • بعض حِكَم حدوث الزلازل 
  • تأملات في بعض مظاهر قدرة الله تعالى 
  • الزلازل ومشاهد القيامة 
  • واجبنا نحو المبتلين في أحداث الزلزال 
  • الحث على الصدقة والتبرع للمنكوبين جراء الزلزال.


اقتباس من الخطبة:

  • والزَّلازِلُ آيةٌ من الآياتِ التي تَنْطِقُ بوحْدَانِيَّةِ اللهِ وقُدْرَتِهِ، ودليلٌ على عَظَمَتِهِ ..
  • إنّ هذه الزلازل والهزَّات الأرضية تذكيرٌ للعبادِ بيومِ المعادِ ..
  • إنَّ هذه الزَّلازِلَ والهَزَّاتِ الأرضيةَ، ينبغي أنْ تَهْتَزَّ مَعَهَا القلوبُ والأبدانُ وتَرْتَعِدَ لها الجوارحُ والأركانُ ..


الخُطْبَةُ الأُولَى:

الْحَمْدُ لِلَّهِ فالِقِ الحبِّ والنَّوَى، وخَالِقِ الماءِ والثَّرَى، لا يَغِيبُ عَنْ بَصَرِهِ صَغِيرُ النَّمْلِ فِي اللَّيْلِ إِذَا سَرَى، أَحْمَدُهُ -سبحانَهُ- شَدِيدُ الْقُوَى، جَعَلَ الأَرْضَ بساطًا، وشَقَّ فيها سبلاً فِجَاجًا، وَأَرْسَى الجِبَالَ لَهَا أَوْتَادًا، وَجَعَلَ قَرَارَهَا مِنْ آلائِهِ، وَزَلْزَلَتَهَا آية على عَظَمَتِهِ وكِبْرِيَائِهِ؛ لِيَتَّعِظَ بِهَا العَاقِلُونَ، ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ.


وَأَشْهَدُ ألّا إِلَهَ إِلّا اللهُ، وحدهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنّ محمدًا عبدهُ ورسولُه، صَلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ وصحبِهِ وسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.


أمّا بَعْدُ: فاتّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ: فمَن اتَّقَى اللهَ وقَاهُ، ومَن تَوَكَّلَ عليهِ كَفَاهُ (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [ سورة الطلاق الآيتان: 2و3].


أيُّهَا المؤمنونَ: إنَّ هَذِه الأرض التي تعيشُ عليها جميعُ الخلائِقِ آيةٌ من آياتِ اللهِ عزَّ وجلَّ، جَعَلَ ظَهْرَهَا مِهَادًا، وَسُبُلَهَا فِجَاجًا، وَأَنْبَتَ فِيهَا مِنَ الثَّمَرَاتِ، وَأَوْدَعَ فِي بَطْنِهَا مِنَ الْخَيْرَاتِ، وَشَقَّ فِيهَا الْبِحَارَ وَالْمُحِيطَاتِ، وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا، قال سبحانه وتعالى: (أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[ سورة النمل الآية: 61].


وقد يجعَلُ اللهُ عزَّ وجلَّ هذه الأرضَ، ابتلاءً لِعِبَادِهِ، وَنَذِيرًا لَهُمْ، فَيُحْدِثُ فِيهَا الزلازلَ؛ ليحُثَّ عِبَادَهُ على الخَوْفِ والتَّقْوَى، والإِنَابَةِ والْخَشْيَةِ، والإِقْلَاعِ عَن المنكراتِ، والنَّدمِ على ما فَاتَ، قالَ سبحانه تعالى: (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا) [ سورة الإسراء الآية:59]؛ فيجعلُهَا اللهُ عزَّ وجلَّ بَلاغًا للنَّاسِ، لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا.


عِبَادَ اللهِ: أنَّ اللهَ عزّ وجلّ حكيمٌ عليمٌ فيما يقضيه ويُقَدِّره، والزَّلازِلُ آيةٌ من الآياتِ التي تَنْطِقُ بوحْدَانِيَّةِ اللهِ وقُدْرَتِهِ، ودليلٌ على عَظَمَتِهِ وقَيُّومِيَّتِهِ، قالَ نبترك تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) [ سورة فصلت الآية: 53]، وإقرارٌ بضعفِ المخلوقاتِ، وافتقارِهَا إليه، وخُضُوعِهَا لأمرِهِ ووقُوعِهَا تَحْتَ سُلْطَانِهِ وَقَهْرِهِ قالَ سبحانه تعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) [ سورة الأنعام الآية: 65] قال مجاهدٌ رحمه الله: "قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ قال: الصيحة والحجارة والريح. أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قال: الرجفة والخسف".


أيُّهَا المؤمنونَ: إنّ هذه الزلازل والهزَّات الأرضية تذكيرٌ للعبادِ بيومِ المعادِ، والاستعدادِ ليومِ التنادِ، قال سبحانه تعالى: (إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنبَثًّا) [ سورة الواقعة الآيتان: 4و6]، والزلازلُ جَعَلَهَا اللهُ عزَّ وجلَّ مَشْهَدًا مِنْ مَشَاهِدِ يوم القيامَةِ، قالَ سبحانه تعالى: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا)[ سورة الزلزلة الآيات: 1 إلى 5].


عِبَادَ اللهِ: إنَّ هذه الزَّلازِلَ والهَزَّاتِ الأرضيةَ، ينبغي أنْ تَهْتَزَّ مَعَهَا القلوبُ والأبدانُ وتَرْتَعِدَ لها الجوارحُ والأركانُ؛ فَنُبَادِرُ باللجوءِ إلى الواحِدِ الدَّيَّان، بامتثالِ أوامرهِ واجتنابِ نواهيهِ، والاستقامةِ على دينهِ، والإكثارِ من ذِكْرِهِ واستغفارِهِ، وعدم الأمن مِن مكرِهِ، قالَ سبحانه تعالى: (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [ سورة الأعراف الآيات :97و 98 و99] وقال النبي صلى الله عليه وسلم عند الكسوفِ: "فإذا رَأَيْتُمْ شيئًا مِن ذلكَ، فافْزَعُوا إلى ذِكْرِهِ ودُعائِهِ واسْتِغْفارِهِ"(أخرجه الإمامان البخاري  ومسلم رحمهما الله).


بَاركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والعظاتِ والذكْرِ الحكيمِ، فاستغفروا اللهَ إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.


الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ الواحدِ القَهَّار، يُقَدِّرُ الليلَ والنَّهَار، ويَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ،  وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ الحقُّ المبينُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أرسلَهُ رحمَةً للعالمينَ، صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا، وبعد:


أيُّهَا المؤمنونَ:  رأينَا ما أصابَ بلادنا هذه الأيام جَرّاءَ الزلازل والنَّكَبَات التي حَلّتْ بنا، وما تَكَبَّدناه مِنْ خَسَائِرَ في الأرواحِ والممتلكاتِ، وما عانيناه مِن وَيْلَاتٍ تحتَ الأنقاضِ، وفي هذه الأزمةِ يجبُ على المسلمِ استحضَار صورة المجتمع المسلمِ في التآخِي والتكاتفِ، والتَّلاحُمِ والتَّرَاحُمِ، وإِغَاثَةِ الملهوفِ، ومؤازَرَة المنكوبِ كما صوَّرَهَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقولِهِ: "مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوادِّهِمْ، وتَراحُمِهِمْ، وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكى منه عُضْوٌ تَداعى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمّى"(أخرجه الشيخان البخاري ومسلم رحمهما الله).


وهذه هي صورةُ المجتمعِ المسلمِ وقدْ كَانَتْ هذه أخلاقُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قبلَ البَعْثَةِ، فكانَ يَحْمِلُ الكَلَّ، ويَقرِي الضَّيْفَ، ويَكْسِبُ المعدومَ، ويُعِينُ على نوائِبِ الحَقِّ.


قال الله عز وجل (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [ سورة المائدة الآية: 2].


فبادِرُوا رعاكم الله بالصَّدَقَةِ، وأَبْشِرُوا بالخيرِ، وَعَجِّلُوا بِالْعَوْنِ، وَأَمِّلُوا الْفَرَجَ، وَاسْتَمْطِرُوا رَحْمَةَ اللهَ عزَّ وجلَّ بِالصَّدَقَةِ، وَغَوْث الملهوف، فقدْ كانَ عُمَرُ بنُ عبدالعزيزِ رحمَهُ اللهُ يكتبُ إلى أُمَرَائِهِ وَقْتَ الزَّلازل أَنْ يَتَصَدَّقُوا، ومن لم يستطعْ العونَ الماديَّ، فعليه بالدعاءِ لهم، وإِظْهَارِ التَّعَاطُف معهم، وهذا هو شعورُ المؤمن الصّادق في مثل هذه المواقف.


أسْأَلُ اللهَ عزَّ وجلَّ أَنْ يَدْفَعَ عَنَّا الغَلاءَ والوَبَاءَ والرِّبَا والزِّنَا والزَّلازِلَ والمِحَنِ وسوءَ الفتنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.


الخطيب د: عبدالله الطيار مع بعض التغيير 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-