ذكرى عيد الإستقلال - خطبة مؤثرة

ذكرى عيد الإستقلال - خطبة مؤثرة 

ذكرى عيد الإستقلال - خطبة مؤثرة
ذكرى عيد الإستقلال - خطبة مؤثرة 


ذكرى عيد الإستقلال - خطبة مؤثرة 

بسم الله الرحمان الرحيم 


اقتباس من الخطبة: 

  • نعيش في هـذه الأيام ذكرى وطنية عزيزة ، ألا وهي ذكرى عيد الاستقلال والحرية
  • إن بلدنا المسلم العزيز، الغيور على دينه ومقدساته، عرف في حياته الطويلة وتاريخيه المجيد الاستقلال والحرية ..
  • ولاكن الاستعمار تمادى في الغطرسة والظلم والطغيان، والتنكر لحق المغرب في سيادته على أرضه ، والتمتع بالحرية والاستقلال ..
  • وبتضحية أجدادنا قيادة وشعبا خضع المستعمر واستجاب للشعب المغربي بإعطائه ما يطلبه ويستحقه من الحرية والاستقلال ..
  • فقد أراد الله لمغربنا العزيز وبلدنا المسلم الكريم ، أن يتخلص من قبضة الاستعمار، ويستعيد نعمة الحرية والاستقلال ..

الخطبة الأولى:

الحمد لله، الحمد لله رب العالمين، الجواد الكريم، بيده الخير، وإليه المصير، وهو على كل شيء قدير. نحمده سبحانه وتعالى ونشكره وهو المستحق لكل شكر وثناء وتعظيم ، ونشهد أنه الله لا إلاه إلا هو، وحده لا شريك له، القوي المعين، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، الرحمة المهداة للعالمين، والجامع لكل خلق عظيم، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته الهداة المهتدين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.


أما بعد: فيـأيها المسلمون : إن كل مسلم ينبغي له ويتعين عليه ، أن يهتم بتاريخ الإسلام والمسلمين ، بدءا من السيرة النبوية وتاريخ الخلفاء الراشدين ، وتابعيهم بإحسان في كل عصر وجيل ، وأن يعتني كذلك بتاريخ وطنه وبلده المسلم في كل وقت وحين ، فيرجع إليه ويقرأه ويدرسه ، ويتأمله ويتدبره ، ليتعرف من خلاله على سيرة السلف الصالح من ءابائه وأجداده ، وعلى حياتهم وتاريخهم الإسلامي المجيد ، وجهادهم وتضحيتهم في سبيل عزة الدين ونصرة الوطن والمسلمين .


وإننا إذا رجعنا إلى تاريخ بلدنا المسلم ، ووطننا المغرب العزيز، ونظرنا إلى ما كان عليه في منتصف القرن الرابع عشر الهجري ، الموافق لأوائل القرن العشرين الميلادي ، وجدنا أنه كان قد ابتلي بالاستعمار كما ابتليت به بعض البلاد العربية الإسلامية والإفريقية التي تسلط عليها المستعمر الأجنبي ، وبسط سلطته ونفوذه عليها في تلك المدة من تاريخها العريق ، هادفا من وراء ذلـك إلى السيطرة على تلك البلاد المسلمة والتحكم فيها ، وإلى استغلال ثرواتها وخيراتها، وقاصدا إلى طمس معالمها الحضارية ، وإلى القضاء على مقوماتها الشخصية وخصائصها الدينية المتميزة ، من لغة وطنية ، وشريعة إسلامية ، وأخلاق ومكارم فاضلة .


غير أن بلدنا المسلم العزيز، الغيور على دينه ومقدساته، وعلى وطنه ومقوماته، والذي عرف في حياته الطويلة وتاريخيه المجيد الاستقلال والحرية… ما كان ليستسلم ويستكين أمام الأمر الواقع، ولا ليجبن ويضعف أمام طغيان الاستعمار وجبروته، بل كان بلدنا المغرب العزيز في شخص جلالة المغفور له محمد الخامس رحمه الله ، ومعه شعبه المومن الوفي، يقف بالمرصاد في وجه الاستعمار وأهدافه وأطماعه ، ويقاومه بسلاح الإيمان واليقين ، وبقوة الصبر والمصابرة ، والتمسك بالحق والمشروعية ، ويطالبه عن طريق التفاهم والحوار بالتخلي عن فكرة الاستعمار، وبتسليم السيادة على المغرب إلى الأمة المغربية ، وإلى أبنائها الأحرار الأبطال ، وإلى رمز سيادتها، ملكها المجاهد المقدام ، جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه.


ولاكن الاستعمار استخف أسلوب الإقناع والحوار، واستهان بأسلوب العقل والمنطق باستمرار، وتمادى في الغطرسة والظلم والطغيان، والتنكر لحق المغرب في سيادته على أرضه ، والتمتع بالحرية والاستقلال .


 حين ذلك وقف الشعب المغربي الأبي كله بقيادة ملكه وعرشه العلوي المجيد ، وانتفض انتفاضة المجاهدين الأحرار، وثار وحمل السلاح في وجه الاستعمار، وقاومه بكل صمود وثبات ويقين وإيمان ، وتضحية بالنفس والمال في سبيل إعزاز الدين وكرامة الوطن. 


وذلك ما جعل المستعمر الأجنبي الغاشم يدرك ويتحقق ويتأكد ويتيقن ، أنه لم يبق له أمل في الاستقرار بالمغرب ، فخضع واستسلم واقتنع ، واستجاب لأسلوب العقل والمنطق والحوار، وإرجاع الحق المشروع إلى أهله ، وإعطاء المغرب ما يطلبه ويستحقه من الحرية والاستقلال ، فحقق الله سبحانه لأمتنا المغربية ولشعبها المومن الوفي وعده بالنصر والعز والتمكين لعباده المومنين الصالحين ، المجاهدين الصادقين ، الذين يصدق عليهم قول ربنا الكريم : (فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) - سورة آل عمران الآية 146 .


عباد الله ، إننا نعتقد اعتقادا جازما في الله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئا هيأ له أسبابه ، كما أنه إذا أراد شيئا قال له : (كن، فيكون) . 


فقد أراد الله لمغربنا العزيز وبلدنا المسلم الكريم ، أن يتخلص من قبضة الاستعمار، ويستعيد نعمة الحرية والاستقلال ، فهيأ له ملكا مجاهدا متبصرا موفقا، هوجلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه ، فقاد مسيرة الجهاد والنضال ، ووقف ضد الاستعمار بكل ما ءاتاه الله من يقين وإيمان وصبر وثبات ، فكرس نفسه وشبابه ووهب عمره وحياته ، وقدم أسرته وعرشه ، فداء لتحرير الوطن والأمة ، فوفى بما عـاهد الله عليه من الإخلاص للدين والوطن ، وللعروبة والإسلام .


كما هيأ الله سبحانه لمغربنا العزيز، شعبا مغربيا مومنا حرا وفيا ، لا يقبل الذل والهوان ، ولا يرضى المساس بمقدسات الدين ، ولا النيل من مقومات ومميزات الوطن، فالتقت إرادة العرش والشعب، واجتمعت عزيمتهما القوية المومنة في طريق الجهاد والنضال ، فحقق الله الرجاء والأمل ، وجاء النصر والظفر، وفرح الشعب واستبشر، ولهج مع ملكه ، ورفع صوته مع عاهله ، بحمد الله وشكره على فضل الانتصار الذي وعد الله به عباده المومنين الصالحين في أي مكان وزمان ، مصداقا لقوله تعالى : (وكان حقا علينا نصر المومنين)، وقوله سبحانه : (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز).


 وعمت الفرحة البلاد والعباد، وبدأ الشعب المغربي والعرش العلوي المجيد في شخص جلالة المغفور له محمد الخامس وبمعيته رفيقه وولي عهده ووارث سره جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراهما ، الجهاد من جديد ، لبنا ء وإصلاح ما أفسده المستعمر، من تخريب وتدمير وطمس للمعالم ، لأن المستعمر( كما تعلمون) ، دائما يخرب ويطمس معالم البلد الذي استعمره . 


ولذالك قال جلالة المغفور له محمد الخامس رحمه الله في خطابه التاريخي أثناء رجوعه من المنفى : ( رجعنا من الجهاد الأصغر، إلى الجهاد الأكبر) يعني بذلك : “جهاد النفس وتنمية الوطن ، وبناء المغرب الحديث ،” وعلى هـذا الأساس ، بدأ عمله وكرس حياته رحمه الله ، لأجل تحقيق أمنيته وأمنية المغاربة .


 ولاكن الأجل وافاه قبل أن يحقق تلك الأماني ، فاستسلم لأمر الله وقدره ، وانتقل إلى عفو الله ورحمته ، راضيا مرضيا ، بعد خمس سنوات من حكمه ، وترك الأمر في يد خلفه ووارث سره ، جلالة المغفور له الحسن الثاني ، قدس الله روحه ، فكان نعم الوارث ونعم الخلف ، فنهج مثل النهج وسلك نفس الطريق ، وحقق الله على يديه الكثير من الإنجازات ، في جميع الميادين ، من ميادين الحياة ، فمنذ اعتلاء عرشه سنة ( 61 م) إلى أن وافته المنية سنة ( 99 م) وهو يبني ويشيد وينمي .. 


فهذه المدة الطويلة من حكمه ، كلها مليئة بالعطاءات والإنجازات ، والذي رأيناه ونراه لخير دليل على ذلك ، رأيناه في ميدان الثقافة ، والصناعة ، والتجارة ، والفلاحة ، وبناء السدود ، وغير ذلك من الأعمال الجليلة، حتى صار المغرب مزدهرا والحمد لله ، فهذه الأعمال كلها سيجازيه عليها الله أحسن الجزاء ،( يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) 


وهاهو خلفهما ووارث سرهما ، جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده ، يواصل بنفس العزيمة ، مسيرة النماء والرقي والازدهار، الذي يستظل المغرب بظلاله الوارفة ، ويسعد ويهنأ بأيامه الميمونة المباركة ، يسير على سنن أسلافه وأجداده ، في النهوض بهذا البلد وإرساء دعائم وحدته وقوته وعزته ، ويمتاز في مسيرة ظافرة متواصلة ، وعلى مدى سنوات متوالية ، بجلائل الأعمال وعظيم المنجزات التي ادخرها الله لجلالته ، لتكتب في سجل مكرماته الخالدة ومآثره العظيمة. 


وستبقى بفضل الله أيادي بيضاء ومعالم غراء ، شاهدة عبر السنين والأجيال بما بذله ويبذله من جهد متواصل وسعي دائم متوال ، للحفاظ لهذا الوطن على مقدسات دينه وإعلاء شأنه ، ولتجديد شباب البلاد والنهوض بها في مختلف الميادين ، لمسايرة ركب التطور والحضارة في مجالات التشييد والعمران ، والثقافة والعرفان.


نسأل الله له التوفيق والسداد والعون والمدد ، حتى يحقق لشعبه ما يتمناه ويرجوه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه..


نفعني الله وإياكم بالقرءان المبين ، وبحديث سيد الأولين والاخرين، وختم لي ولكم بالحسنى والزيادة يوم لقاء وجهه الكريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..


الخطبة الثانية :


الحمد لله حق حمده وشكره ، وما كل نعمة إلا من عنده وفضله ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ..


أما بعد، فيـأيها الإخوة المومنون، إننا ونحن نعيش في هـذه الأيام ذكرى وطنية عزيزة ، من أعز وأغلى ذكرياتنا الوطنية الجليلة ، ونبتهج ونسعد بأيامها المجيدة الخالدة، ألا وهي ذكرى عيد الاستقلال والحرية، وعيد السيادة والعزة والكرامة، ليجدر بنا أن نستحضر ونتذكر بالمناسبة ما بذله أسلافنا الأولون المجاهدون، وما قدمه ءاباؤنا وأجدادنا المخلصون، من جهاد وتضحيات كبيرة بالنفس والمال، في سبيل النصر والعز للدين والوطن، 


ونذكر في نفس الوقت أولادنا من الجيل الناشئ والشباب الصاعد الذي فتح عينيه على عهد الحرية والاستقلال ونشأ فيه، ونعرفهم بأن نعمة التحرر من الاستعمار لم تكن ثمرة دانية قريبة، سهلة الجني والقطوف، متيسرة الإدراك والمنال، ولاكنها جاءت نتيجة حسنة وثمرة طيبة، لما قام به وبذله العرش العلوي المجيد مع شعبه المغربي المومن الوفي، من جهاد متواصل وكفاح مستميت، وتلاحم متين بينهما، تحقيقا لقول الله تعالى ووعده الكريم لعباده المومنين بالنصر والفتح المبين، عندما قال وهو أصدق القائلين:” وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور،ِ (41) سورة الحج).

فعلينا أيها الإخوة المومنون أن نحمد الله تعالى ونشكره على نعمة الإسلام وهداية الإيمان، وعلى نعمه الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، عملا بقول رب العالمين:( فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون،) وأن نشكر بعد ذلك من أجرى الله الخير على يديه للوطن والمواطنين، وللإسلام والمسلمين، عملا بقول الله سبحانه: (هل جزاء الاحسان إلا الاحسان،) وقول النبي صلى الله عليه وسلم “من لم يشكر الناس لم يشكر الله ” 


والشكر للناس يكون بالدعاء الخالص السليم، والذكر الطيب الكريم، والثناء الحسن والاعتراف بالجميل في القول والعمل، مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، أنتم شهداء الله في الأرض “. 


فاتقوا الله عباد الله، وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون، وحافظوا على أخوتكم الدينية ووحدتكم الوطنية، وعلى كل ما يصلح أحوالكم، ويسعدكم دنيا وأخرى، وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ..


هذا وخير ما نختم به الكلام، ونجعله مسك الختام، أفضل الصلاة وأزكى السلام، على ملاذ الورى وشفيع الأنام في الموقف العظيم 


اللهم صل على سيدنا محمد وعلى ءال سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى ءال سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى ءال سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى ءال سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد


الختم بالدعاء ...

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-