عقوبة منع الزكاة - خطبة مؤثرة

 عقوبة منع الزكاة - خطبة مؤثرة

عقوبة منع الزكاة - خطبة مؤثرة
عقوبة منع الزكاة - خطبة مؤثرة


 عقوبة منع الزكاة - خطبة مؤثرة


اقتباس من الخطبة:

من منع الزكاة وبخل بماله عذب به يوم القيامة !

من منع الزكاة وبخل بحق الله جل في علاه عذب كذلك دنيويا

ومن عقوبات منع الزكاة كذلك منع القطر وإصابة البلاد بالقحط والجفاف


الخطبة الأولى:

 إِن الحمد لله، نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا، وَمن سيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ...


 معشر المومنين والمومنات: لقد جعل الله عباده متفاوتين في الرزق فمنهم الغني والفقير؛ وكلا الفريقين مُمْتحن ومُبتلى ؛ فالغني ابتلاه الله عز وجل في غناه والفقير ابتلاه الحق عز وجل في فقره؛ وفي خطبة اليوم ان شاء الله عز جل سنتحدث عن حق الله عز وجل في المال الذي تفضل به على الأغنياء واستخلفهم فيه، وما افترضه سبحانه وتعالى عليهم لإخوانهم الفقراء وبقية الأصناف التي حددها الحق عز وجل.

 

 عباد الله: لا شك أن المال الذي أوجب الله عز وجل على الأغنياء زكاته ودفعه للفقراء له فوائد جليلة على المال وعلى صاحبه كذلك، بل يعم خيره مجتمع المسلمين كافة؛ حيث يحدث التكافل الاجتماعي والتآلف بين الناس، ويزول الحقد والحسد بين الفقير والغني ؛ فتقوى أواصر المحبة والأخوة بين أبناء مجتمعات المسلمين؛ إلا أن من المسلمين من يبخل به أو يتلاعب في إخراجه.

 

 عباد الله: لقد توعد الله عز وجل وعيدا شديدا المتحايلين عن إخراج الزكاة بجميع أنواع التحايل والمتهاونين عنها، فلو رجعنا إلى القرآن الكريم لوجدنا عدة آيات بينات فيها تشديد غليظ، وتهديد بالغ، يُخشى على مانعي الزكاة والمتهاونين عن أدائها التعرض لهذا الوعيد الشديد وغضب الجبار جل في علاه.


 ومن هذه الآيات قوله جل في علاه في سورة آل عمران (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)، فمن بخل ولم يؤد زكاة المال وحقه، جُعل هذا المال يوم القيامة والعياذ باله أطواقًا من نار يُعَذَّب بها.


 ومن الآيات كذلك قوله عز وجل في سورة التوبة (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) فالذين يجمعون الأموال ويكدسونها ولا يخرجون زكاتها تكون لهم هذه الأموال عذابا يوم القيامة، حين يؤتى بالمال الذي جمعوه وكنزوه وبخلوا عن زكاته على هيئة صفائح من نار قد أحمي عليها في نار جهم -والعياذ بالله- فتكون ألما على أبدانهم؛ حيث تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم كما ذكر الله عز وجل في كتابه العزيز، ويقال لهم يوم القيامة تقريعًا وتبكيتًا وتهكمًا؛ فهذا العذاب بذاك الذي كنتم تكنزون لأنفسكم.

   

 قال بعض العلماء: إنما خص هذه الأعضاء لأن الغني إذا رأى الفقير زوى ما بين عينيه وقبض وجهه، وإذا سأله طوى كشحه، وإذا زاده في السؤال وأكثر عليه ولَّاه ظهره، فرتَّب الله العقوبة على حال المعصية.


 عباد الله: هذه بعض الآيات من كتاب الله عز وجل في شأن عقوبة مانعي الزكاة، فتعالوا لنرى سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، روى الامام البخاري رحمه الله في صحيحه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ، لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ - يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ " ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: (وَلَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ...) إِلَى آخِرِ الآيَةِ


 فالمال الذي يمنع صاحبه حقه وزكاته، يُمَثَّل له يوم القيامة في صورة ثعبان طال عمره وسقط شعره، له نقطتان سوداوان فوق العينين، وهو أخبث الحيات، يطوقه ثم يأخذ بشفتيه فيقول: أنا مالك، أنا كنزك؛ فما أشده من عذاب ينتظر من منع الزكاة بخل بماله عن الفقراء والمساكين والمحرومين!


 وفي حديث آخر صور أخرى من أصناف عذاب مانعي الزكاة، روى ابن حبان رحمه الله عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ تَرَكَ بَعْدَهُ كَنْزًا مُثِّلَ لَهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ زَبِيبَتَانِ يَتْبَعُهُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟، فَيَقُولُ: أَنَا كَنْزُكَ الَّذِي خَلَّفْتَ بَعْدَكَ، فَلَا يَزَالُ يَتْبَعُهُ حَتَّى يُلْقِمَهُ يَدَهُ فَيَقْضِمُهَا، ثُمَّ يَتْبَعُهُ سَائِرَ جَسَدِهِ»

 

 عباد الله: ولم يقف الشرع عن حد الوعيد الشيد بالعقاب الأخروي، بل هدد بالعقاب الدنيوي كل من منع الزكاة وبخل بحق الله جل في علاه، ولذلك يقص علينا ربنا عز وجل في كتابه العزيز قصة أصحاب الجنة وخسرانهم بسبب بخلهم بحق الله عز وجل في أموالهم، فقال الله عز وجل في سورة القلم: (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ،وَلَا يَسْتَثْنُونَ، فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ، فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ، فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ، أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ، فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ، أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ،وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ، فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ، بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ، قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ، قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ، فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ، قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ، عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ، كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).


 نفعني الله واياكم بالقرآن المبين، وبحديث سيد الأولين والآخرين، وغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

الخطبة الثانية:


الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، وعلى آله ومن والاه، أما بعد :

 

عباد الله: ومن عقوبات منع الزكاة كذلك منع القطر وإصابة البلاد بالقحط والجفاف، ففي المعجم الأوسط للطبراني رحمه الله، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إِلَّا ابْتَلَاهُمُ اللَّهُ بِالسِّنِينَ»


وفي سنن ابن ماجة رحمه الله، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدثهم حديثا طويلا وكان من بين ما قاله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا ".

 

فاتقوا الله عباد الله: وأدوا حق المال الذي جعلكم الله مستخلفين فيه، تعدوا في الدنيا والآخرة، وإياكم والبخل، فمن يبخل فإنما يبخل عن نفسه، قال الله عز وجل: (هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ).


وأكثروا من الصلاة والسلام على شفيع الورى في الموقف العظيم، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سيدنا  محمّد وَعلى آل محمد، كما صلّيت على آل إِبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إِبراهِيم فِي الْعَالمِين، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

الختم بالدعاء ...

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-