حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية - خطبة مؤثرة

 حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية - خطبة مؤثرة 

خطبة عن حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية
حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية - خطبة مؤثرة 

خطبة عن حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية 

بسم الله الرحمان الرحيم 

 الخطبة الأولى:

 اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِين، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَأَنَّ سَيِّدَنَا عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَنَبِيٌّ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَن اِقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:

  تَتَّخِذُ الْعَوْلَمَةُ الْفِكْرِيَّةُ وَالثَّقَافِيَّةُ أَشْكَالاً عَدِيدَةً وَأَلْوَاناً مُخْتَلِفَةً، لَعَلَّ أَخْطَرَهَا: تِلْكَ الَّتِي تَتَّصِلُ بِالْجَانِبِ الْعَقَدِيِّ وَالْأَخْلَاقِيِّ لِلْمُسْلِمِينَ, وَتَتَسَلَّلُ إِلَيْهِ بِنُعُومَةٍ، فَلَا يَنْتَبِهُ النَّاسُ إِلاَّ وَقَدْ تَوَرَّطُواْ فِي مُمَارَسَاتٍ مُنَافِيَةٍ لِعَقِيدَتِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ، وَأَوْضَحُ مِثَالٍ عَلَى ذَلِكَ هُوَ: مَا يَحْدُثُ هَذِهِ الْأَيَّامَ فِي مُعْظَمِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، حَيْثُ يُقَلِّدُونَ النَّصَارَى فِي الِاحْتِفَالِ بِأَعْيَادِهِمْ, وَيُجَارُونَهُمْ فِي طُقُوسِهِمْ وَأَبَاطِيلِهِمْ, بَل أَصْبَحَ الْمُسْلِمُونَ يَسْتَعِدُّونَ لَهُ وَيَحْتَفِلُونَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْهُمْ، وَبِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ اِخْتَرْتُ أَنْ يَكُونَ عُنْوَانُ خُطْبَتِنَا لِهَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ السَّعِيدِ – بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى - هُوَ: مَوْقِفُ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، مِنَ الِاحْتِفَالِ بِرَأْسِ السَّنَةِ الْمِيلَادِيَّةِ، وَسَنُرَكِّزُ كَلَامَنَا عَلَى هَذَا الْعُنْوَانِ مِنْ خِلَالِ أَرْبَعَةِ عَنَاصِرَ:

الْعُنْصُرُ الْأَوَّلُ: مَفْهُومُ الِاحْتِفَالِ، فَأَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ الذِينَ يُشَارِكُونَ النَّصَارَى فِي الِاحْتِفَالِ بِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ، وَيَتَبَادَلُونَ مَعَهُمُ التَّهَانِيَ وَالْهَدَايَا وَالْأَفْرَاحَ، أَكْثَرُ هَؤُلَاءِ لَا يَعْرِفُونَ مَاهِيَةَ هَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ، فَهِيَ تُسَمَّى: بِـ [أَعْيَادَ الْمِيلَادِ]، وَيَحْتَفِلُ فِيهَا النَّصَارَى ابْتِدَاءً مِنَ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ دُجَنْبِرْ – عَلَى حَسَبِ أَحَدِ مَذَاهِبِهِمْ – بِـ [عِيدِ مِيلَادِ الرَّبِّ]، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا، وَالْمُرَادُ بِالرَّبِّ عِنْدَهُمْ هُوَ: نَبِيُّ اللَّهِ [سَيِّدُنَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ] عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَوْ يَحْتَفِلُونَ عِنْدَ مَذْهَبٍ آخَرَ بِـ[عِيدِ مِيلَادِ ابْنِ الرَّبِّ]، وَالْمُرَادُ بِابْنِ الرَّبِّ عِنْدَهُمْ هُوَ: [سَيِّدُنَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ] أَيْضًا...، وَهَذَا الِاحْتِفَالُ عِبَارَةٌ عَنْ: تَبَادُلِ التَّهَانِي وَالْهَدَايَا وَصُنْعِ الْمَأْكُولَاتِ وَإِقَامَةِ الْحَفَلَاتِ الصَّاخِبَةِ...

الْعُنْصُرُ الثَّانِي: رَمْزِيَّةُ الِاحْتِفَالِ، فَهَذَا الِاحْتِفَالُ يَرْمُزُ إِلَى مَعْنىً خَطِيرٍ قَدْ يَنْسِفُ عَقِيدَةَ الْمُسْلِمِ مِنْ أُصُولِهَا، وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ: سَبُّ اللَّهِ تَعَالَى وَشَتْمُهُ، فَهُمْ يَحْتَفِلُونَ كُلَّ سَنَةٍ بِسَبِّهِمْ وَشَتْمِهِمْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: « كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: اِتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الْأَحَدُ الصَّمَدُ، لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ... » وَقَدْ رَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ هَذَا السَّبَّ وَالشَّتْمَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: (وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُوفَكُونَ).

الْعُنْصُرُ الثَّالِثُ: حُكْمُ الِاحْتِفَالِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ مُشَارَكَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمُجَارَاتُهُمْ فِي الِاحْتِفَالِ بِأَعْيَادِهِمْ بِأَيِّ شَكْلٍ مِنَ الْأَشْكَالِ، فَهَل يَرْضَى مُسْلِمٌ أَنْ يُشَارِكَ فِي حَمْلَةِ سَبِّ اللَّهِ تَعَالَى وَشَتْمِهِ؟ قَطْعًا لَا يَرْضَى ذَلِكَ لِنَفْسِهِ أَيُّ مُسْلِمٍ كَانَتْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً...) وَيَقُولُ سُبْحَانَهُ: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً). قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَطَاوُسٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالضَّحَّاكُ، وَالرَّبِيعُ بْنِ أَنَسٍ، وَغَيْرُهُمْ...: هِيَ أَعْيَادُ الْمُشْرِكِينَ. فَعِبَادُ الرَّحْمَانِ حَقًّا هُمْ الذِينَ لَا يَشْهَدُونَ وَلَا يَحْضُرُونَ أَعْيَادَ الْمُشْرِكِينَ، فَضْلًا عَنِ الِاحْتِفَالِ بِهَا وَإِحْيَائِهَا كُلَّ سَنَةٍ تَقْلِيدًا وَاتِّبَاعًا لَهُمْ، وَعَلَى هَذَا – أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ – اِنْعَقَدَ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ...

  نَفَعَنِي اللَّـهُ وَإِيَّاكُمْ بِكِتَابِهِ الْـمُبينِ، وَبِسُنَّةِ نَبيِّهِ الْمُصْطَفَى الْكَرِيمِ، وَجَعَلَنِـي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ آمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْـحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمينَ.

اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 اَلْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَليُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرينَ، صَلَّى اللَّـهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:

الْعُنْصُرُ الرَّابِعُ: مِن مَفَاسِدِ الِاحْتِفَالِ، فَمَفَاسِدُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى، وَمَنْ أَبْرَزِهَا وَأَخْطَرِهَا: أَنَّ فِيهِ هَدَماً لَأَهَمِّ عُرَى الْإِسْلَامِ وَأَوْثَقِهَا، إِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ يَعِي مَا يَفْعَلُ، وَيَعْتَقِدُ مَا يَعْتَقِدُهُ النَّصَارَى فِي تِلْكَ الِاحْتِفَالَاتِ، وَهُوَ: الِاعْتِرَافُ الصَّرِيحُ بِدِينِ النَّصَارَى وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْبَاطِلِ وَالزُّورِ وَالْبُهْتَانِ، وَهَذَا أَمْرٌ مِنَ الْخُطُورَةِ بِمكَانٍ، إِذْ لَا دِينَ حَقٌّ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِلَّا دِينَ الْإِسْلَامِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ). وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ). 

 فَاتَّقُواْ اللَّهَ – أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ – وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ...

الختم بالدعاء ...

اعداد: الأستاذ رشيد المعاشي.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-