انتهاك الاعراض - خطبة مؤثرة

خطبة مؤثرة حول انتهاك الاعراض

انتهاك الاعراض - خطبة مؤثرة
انتهاك الاعراض - خطبة مؤثرة 

حُرْمَةُ أَعْرَاضِ الْأَنَامِ، في شَرِيعَةِ دِينِ الْإِسْلَام

بسم الله الرحمان الرحيم

اَلْخُطْبَةُ الْأَولَى:

  اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، عَظَّمَ شَأْنَ أَعْرَاضِ النَّاسِ فِي كِتَابِهِ الْمُبِينِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً نَسْتَحْضِرُ بِهَا مُرَاقَبَتَهُ فِي أَعْرَاضِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، حَرَّمَ انْتِهَاكَ أَعْرَاضِ النَّاسِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَمَنِ اِقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:

  إِنَّ مِنَ الْآفَاتِ الْكُبْرَى التِي انْتَشَرَتْ فِي مُجْتَمَعِنَا عَادَةَ نَشْرِ الشَّائِعَاتِ الْمُغْرِضَةِ التِي تَطْعَنُ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ، وَتَنْتَقِصُ مِنْ أَقْدَارِهِمْ دُونَ أَيِّ أَسَاسٍ، يُذِيعُونَهَا بَيْنَ الْعَامَّةِ دُونَ اسْتِنَادٍ إِلَى دَلِيلِ صِحَّتِهَا، وَلَا نَظَرٍ فِي عَوَاقِبِ إِذَاعَتِهَا، وَذَلِكَ يَحْمِلُ مِنَ الْمَفَاسِدِ الْكُبْرَى مَا يُمَزِّقُ الْمُجْتَمَعاتِ، وَيَجُرُّ عَلَيْهِمْ مَا لَا يُحصَى مِنَ الشُّرُورِ وَالْوَيْلَاتِ، لِذَلِكُمْ سَنَفْتَتِحُ وَإِيَّاكُمْ – بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى – مَوْضُوعًا نَتَنَاوَلُ فِيهِ مَا شَرَعَهُ دِينُ الْإِسْلَامِ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الْأَعْرَاضِ، وَسَيَكُونُ عُنْوَانُ خُطْبَتِنَا لِهَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ السَّعِيدِ هُوَ: حُرْمَةُ أَعْرَاضِ الْأَنَامِ، في شَرِيعَةِ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَسَيَنْتَظِمُ كَلَامُنَا حَوْلَ هَذَا الْعُنْوَانِ فِي ثَلَاثَةِ عَنَاصِرَ:

 الْعُنْصُرُ الْأَوَّلُ: مَفْهُومُ الْأَعْرَاضِ وَمَكَانَتُهَا فِي الْإِسْلَامِ، فَالْأَعْرَاضُ: جَمْعُ عِرْضٍ، وَهُوَ: مَوْضِعُ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ مِنَ الْإِنْسَانِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفْسِهِ، أَوْ فِي سَلَفِهِ، أَوْ فِيمَنْ يَلْزَمُهُ أَمْرُهُ. وَقَدْ أَكَّدَ دِينُ الْإِسْلَامِ عَلَى ضَرُورَةِ صِيَانَةِ الْأَعْرَاضِ وَعَدَمِ الِاعْتِدَاءِ عَلَيْهَا، لِأَنَّهَا مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ التِي لَا تَسْتَقِيمُ الْحَيَاةُ إِلَّا بِهَا، رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ فِي خُطْبَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ اَللَّهُمَّ فَاشْهَدْ. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ، وعِرْضُهُ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا نَظَرَ يَوْمًا إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ! وَالْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ.

 الْعُنْصُرُ الثَّانِي: عَاقِبَةُ انْتِهَاكِ الْأَعْرَاضِ، فَالنَّيْلُ مِنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ وَالْوُقُوعُ فِيهَا بِمَا يُدَنِّسُهَا سَوَاءً بِالْقَوْلِ أَوِ الْفِعْلِ أَوْ بِأَيِّ وَسِيلَةٍ أُخْرَى مِنْ كَبَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الشَّقَاءِ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَمَاتِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون. وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الإِيمَانُ قَلْبَهُ، لاَ تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ ﷺ قَالَ: لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ.

  نَفَعَنِي اللَّـهُ وَإِيَّاكُمْ بِكِتَابِهِ الْـمُبينِ، وَبِسُنَّةِ نَبيِّهِ الْمُصْطَفَى الْكَرِيمِ، وَجَعَلَنِـي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ آمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْـحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمينَ.

اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 اَلْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَليُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرينَ، صَلَّى اللَّـهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:

 الْعُنْصُرُ الثَّالِثُ: شُمُولِيَّةُ الْإِسْلَامِ، فَدِينُ الْإِسْلَامِ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ بَعْضِ الْمُعْتَقَدَاتِ وَالشَّعَائِرِ الدِّينِيَّةِ التِي يَقُومُ بِهَا الْإِنْسَانُ وَيَنْتَهِي الْأَمْرُ، بَلْ هُوَ عَقِيدَةٌ وَعِبَادَةٌ وَسُلُوكٌ، وَلِذَلِكَمْ لَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ مُسْلِمًا حَقًّا حَتَّى يَحْفَظَ جَوَارِحَهُ مِنِ انْتِهَاكِ الْأَعْرَاضِ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَبْداللَّه بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ... وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ. فَاتَّقُواْ اللَّهَ فِي أَعْرَاضِكُمْ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ -، إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ، وَلِلْحَدِيثِ بَقِيَّةٌ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الدُّعَاءُ...

اعداد الاستاذ رشيد المعاشي

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-