الحرص على تعليم الأطفال - خطبة مؤثرة

 الحرص على تعليم الأطفال - خطبة مؤثرة

الحرص على تعليم الأطفال - خطبة مؤثرة
الحرص على تعليم الأطفال - خطبة مؤثرة

الْحِرْصُ عَلَى تَعْلِيمِ الْأَوْلَادِ، أَمَانَةٌ مِنْ رَبِّ الْعِبَادِ

اَلْخُطْبَةُ الْأَولَى:

 اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الذِي جَعَلَ الْعِلْمَ نُورًا وَرِفْعَةً لِلْعِبَادِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمُنَزَّهُ عَنِ الشُّرَكَاءِ وَالنُّظَرَاءِ وَالْأَنْدَادِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى الْحَقِّ وَالْهُدَى وَالسَّدَادِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْخِيَارِ الْأَمْجَادِ، وَمَنِ اِقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ التَّنَادِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:

 إِنَّ مِنْ أَجْمَلِ رَغَبَاتِ الْمُسْلِمِ فِي نَفْسِهِ: أَنْ يَرْزُقَهُ اللَّهُ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً تَقَرُّ بِهَا عَيْنُهُ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)، فَالْأَوْلَادُ يَمْلَؤُونَ الْحَيَاةَ بَهْجَةً وَسُرُوراً، وَيَزِيدُونَهَا أُنْساً وَحُبُـــــوراً، وَبِتَعْلِيمِهِمْ وَتَكْوِينِهِمْ تَـــــزْدَادُ الْأُمَّةُ قُوَّةً وَتَأْثِيـــراً، وَمُسَاهَمَةً مِنَ الْمِنْبَرِ فِي قَافِلَةِ التَّعْبِئَةِ الْمُجْتَمَعِيَّةِ لِلْإِدْمَاجِ الْمُبَاشِرِ لِلْمَوْسِمِ الدَّرَاسِيِّ: 2021/2022 سَنَعِيشُ الْيَوْمَ وَإِيَّاكُمْ – بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى - هَذِهِ اللَّحَظَاتِ الْمُبَارَكَةَ، وَهَذِهِ الدَّقَائِقَ الْمَعْدُودَةَ، مَعَ خُطْبَةٍ تَحْتَ عُنْوَانِ: الْحِرْصُ عَلَى تَعْلِيمِ الْأَوْلَادِ، أَمَانَةٌ مِنْ رَبِّ الْعِبَادِ، وَسَيَنْتَظِمُ كَلَامُنَا حَوْلَ هَذَا الْعُنْوَانِ فِي ثَلَاثَةِ عَنَاصِرَ:

 الْعُنْصُرُ الْأَوَّلُ: أَمَانةُ الْأَوْلَادِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ. فَالْأَمَانَاتُ كَثِيرَةٌ، وَمَفْهُومُهَا كَبِيرٌ، وَمِنْهَا: أَمَانَةُ الْأَوْلَادِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ... وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ؟ حَتَّى يُسْأَلَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ ». وَمِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَادَ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْمُرَبِّينَ وَكُلِّ الْمُتَدَخِّلِينَ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ). وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً, يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ».

 الْعُنْصُرُ الثَّانِي: أَهَمِّيَّةُ التَّعْلِيمِ، فَلْنَعْلَمْ يَقِينًا – أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ - أَنَّهُ لَا مَنَاصَ لِلْأُمَمِ التِي تَرُومُ أَنْ تَتَبَوَّأَ الصَّدَارَةَ مِنَ الْعِنَايَةِ بِالتَّعْلِيمِ، وَلَا مَفَرَّ لِبِنَاءِ الْأَفْرَادِ منَ التَّعْلِيمِ، وَلَا طَرِيقَ لِتَشْيِيدِ الْحَضَارَاتِ سِوَى طَرِيقِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَبِنَاءُ الْأُمَمِ إِنَّمَا يَكُونُ بِبِنَاءِ الْفَرْدِ الذِي هُوَ نَوَاةُ الْمُجْتَمَعِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى بِنَائِهِ إِلَّا مِنْ خِلَالِ التَّعْلِيمِ، لِذَلِكُمْ رَفَعَ الْإِسْلَامُ شَأْنَ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ). قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: "إِنَّ الْعِلْمَ يَنْتَفِعُ بِهِ صَاحِبُهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ، وَتُرْفَعُ بِهِ دَرَجَتُهُ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ النَّاسِ". وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "لِكُلِّ شَيْءٍ قِيمَةٌ، وَقِيمَةُ الْمَرْءِ مَا يُحْسِنُهُ". وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: "إِذَا أَرَدْتَ الدُّنْيَا فَعَلَيْكَ بِالْعِلْمِ، وَإِذَا أَرَدْتَ الْآخِرَةَ فَعَلَيْكَ بِالْعِلْمِ، وَإِذَا أَرَدْتَهُمَا مَعاً فَعَلَيْكَ بِالْعِلْمِ".

      نَفَعَنِي اللَّـهُ وَإِيَّاكُمْ بِكِتَابِهِ الْـمُبينِ، وَبِسُنَّةِ نَبيِّهِ الْمُصْطَفَى الْكَرِيمِ، وَجَعَلَنِـي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ آمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْـحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمينَ.

اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 اَلْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَليُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرينَ، صَلَّى اللَّـهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:

الْعُنْصُرُ الثَّالِثُ: أَمَانَــةُ تَعْلِيمِ الْأَوْلَادِ، فَمِـنْ أَهَمِّ الْأَمَانَاتِ التِي يَجِبُ عَلَيْكُـمْ أَدَاؤُهَا – مَعَاشِرَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْأَوْلِيَاءِ - الْحِرْصُ عَلَى تَسْجِيلِ أَوْلَادِكُمْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا فِي أَقْسَامِ الدِّرَاسَةِ، وَإِعَادَةِ تَسْجِيلِ الْمُنْقَطِعِينَ عَنْهَا، لِأَنَّنَا نَعِيشُ فِي زَمَانٍ لَا يَعْتَرِفُ إِلَّا بِالْمُتَعَلِّمِينَ وَالْمُتَعَلِّمَاتِ، وَلَا يَنْدَمِجُ فِيهِ إِلَّا أَصْحَابُ الشَّهَادَاتِ، أَضِيفُواْ إِلَى ذَلِكَ أَنَّ التَّعْلِيمَ لِلْإِنْسَانِ يُمَثِّلُ صِيَانَةَ الْعَقْلِ مِنَ الِانْجِرَافِ وَرَاءَ الْخُرَافَةِ وَالْوَهْمِ، وَالسَّدَّ الْمَنِيعَ مِنَ التَّهَوُّرِ وَرَاءَ الْجَرِيمَةِ، وَالدِّرْعَ الْحَصِينَ مِنَ التَّخَلُّفِ وَالْفَسَادِ، كَمَا أَنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تَرَاقِبُواْ أَوْلَادَكُمْ وَتَلْحَظُواْ مَا تَتِّجِهُ إِلَيهِ نُفُوسُهُمْ وَمُيُولَاتُهُمْ فِي التَّعلِيمِ، فَتُوَجِّهُوهُمْ إِلَيهِ، وَتُسَاعِدُوهُمْ فِي تَحصِيلِهِ، فَلِكُلِّ إِنْسَانٍ وِجْهَةٌ يَمِيلُ إِلَيْهَا ويُبْدِعُ فِيهَا، فَذَلِكَ أَدْعَى لِنَجَاحِهِمْ وأَثْمَرُ لِعَطَائِهِمْ فِي الْمُجتَمَعِ، فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ. 

الختم بالدعاء ...

من اعداد: الأستاذ رشـيــد الـمـعاشــي.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-