تواضع النبي صلى الله عليه وسلم - خطبة مؤثرة

 تواضع النبي صلى الله عليه وسلم - خطبة مؤثرة

تواضع النبي صلى الله عليه وسلم - خطبة مؤثرة
تواضع النبي صلى الله عليه وسلم - خطبة مؤثرة

تواضع النبي صلى الله عليه وسلم 

بسم الله الرحمان الرحيم

اقتباس من الخطبة:

ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يحقر أحدا، ويقضي حاجة كل من قصده مهما كانت حالته الإجتماعية ولو كان مجنونا ...

الخطبة الأولى:

 إِن الحمد لله، نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا، وَمن سيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ...

أما بعد:

 معشر المومنين والمومنات: مازلنا وإياكم نتنزه في رياض هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه، والحديث عن هديه صلى الله عليه وسلم لا يمل، وكلما تكرر الكلام في شمائله وأخلاقه ازددنا شوقا له، وكأننا لم نسمعه من قبل، واليوم إن شاء الله سنقف مع خلق من أعظم الأخلاق التي تميزه صلى الله عليه وسلم ، بل تميز كل مسلم يرغب في رضى ربه عز وجل والفوز بالنظر إلى وجهه الكريم، إنه خلق التواضع.

عباد الله: التواضع خلق نبيل وهو خفض الجناح لمن تتعامل معه، وقبول الحق أيا كان قائله، وتواضعه صلى الله عليه وسلم كان تلقائيا دون تكلف منه صلى الله عليه وسلم ، ففي السنن الكبرى للبيهقي عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَلَكٌ لَمْ يَعْرِفْهُ، فَقَالَ: " إِنَّ رَبَّكَ تَعَالَى يُخَيِّرُكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ نَبِيًّا عَبْدًا أَوْ نَبِيًّا مَلَكًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ تَوَاضَعَ قَالَ: " نَبِيًّا عَبْدًا "، ولما أمرَه ربه عزَّ وجلَّ بمعاملَةِ أصحابِهِ جميعاً بالتَّواضعِ واللِّينِ وخفضِ الجناحِ لَهُمْ في قوله (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)، امتثل حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أمر ربه، لتتأسى به أمته، فكان يزورُ ضُعَفَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعُودُ مَرْضَاهُمْ، وَيَشْهَدُ جَنَائِزَهُمْ، وَيُسَلِّمُ عَلَى صِبْيَانِهِمْ ، وَيَمْسَحُ بِرُءُوسِهِمْ، روى الإمام البخاري في صحيحه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ» وَقَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ»، وعنه كذلك يقول: يَقُولُ: إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيُخَالِطُنَا، حَتَّى يَقُولَ لِأَخٍ لِي صَغِيرٍ: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ»

 ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يحقر أحدا، ويقضي حاجة كل من قصده مهما كانت حالته الإجتماعية ولو كان مجنونا، روى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَالَ: « يَا أُمَّ فُلَانٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ»، فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا.

 ومن مظاهر تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه كان يعين أزواجه في أعمال البيت، فلم يكن يكتفي بالأوامر فقط لأنه رب البيت، روى الإمام أحمد وابن حبان عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَأَلَهَا رَجُلٌ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ»، وقالت كذلك رضي الله عنها «كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ»

صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسما كثيرا، نفعني الله واياكم بالقرآن المبين، وبحديث سيد الأولين والآخرين، وغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، وعلى آله ومن والاه.

أما بعد :

عباد الله: من أعظم مظاهر تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه لم يكتفي بتجسيده لهذا الخلق العظيم في جميع حركاته وسكناته صلى الله عليه وسلم، بل كان يدعو إليه أمته ويحثها عليه، وينهى عن الكبر، ففي سنن ابن ماجة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا، وَلَا يَبْغِي بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ».

 فاتقوا الله عباد الله، وتأسوا برسولكم صلى الله عليه وسلم في تواضعه، واعلموا أن الرفعةَ عندَ اللهِ، والمكانةَ عندَ الناسِ، لا تنال إلا بالتواضعِ وحُسنِ الخلقِ، فهُمَا السبيلُ إلَى ذلكَ، روى الإمام مسلم  في صحيحِ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن  رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ ».

الختم بالدعاء ...

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-