قضاء حوائج الناس - خطبة مؤثرة وقصيرة

 قضاء حوائج الناس - خطبة مؤثرة وقصيرة

قضاء حوائج الناس - خطبة مؤثرة وقصيرة
قضاء حوائج الناس - خطبة مؤثرة وقصيرة

قضاء حوائج الناس 

بسم الله الرحمان الرحيم 

اقتباس من الخطبة :

 السعي في قضاء حوائج الناس عمل عظيم وتجارة رابحة مع الله عز وجل،  بل هو من أحب الأعمال إلى الله عز وجل ...

الخطبة الأولى:

 إِن الحمد لله، نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا، وَمن سيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ...

أما بعد:

 معشر المومنين والمومنات: روى الشيخان رحمهما الله في صحيحيهما، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، هذا حديث عظيم، ذكر فيه حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم خصلة من أعظم الخصال التي يتصف بها المسلم الذي ينشده ديننا الحنيف، وهي من تمام الأخوة الإيمانية، هذه الخصلة كانت منتشرة في الزمن الأول، عهد الصحابة رضي الله عنهم، ومتفشية في عهد تبعهم بإحسان، أما في زمننا هذا فقلما تسمع بمن اتصف بها، إلا من رحم الله عز وجل، أتذرون ما هي هذه الخصلة يا عباد الله؟ إنها السعي في قضاء حوائج الناس، قال حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم مرغبا أمته في هذه الخصلة العظيمة، «مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ»، فمن أراد أن يقضي الله حوائجه، وأن يكون في عونه، فليكن في عون إخوته، وليسع في قضاء حوائجهم، قال حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ، كما في الحديث الصحيح: «وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ».

  عباد الله: إن الموفق لقضاء حوائج الغير، متصف بصفة من صفاة الأنبياء والمرسلين، فهذا سيدنا موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، لما خرج من مصر خائفا من القتل، ورد ماء مدين، ووجد عددا كثيرا من الناس يسقون، ووجد من دونهم امرأتين مستضعفتين، وتستحيان أن تسقيا مع الرجال، فسألهما كما قال ربنا عز وجل (مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ،فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)، إذا فسيدنا موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، قضى حاجتهما، فجاء التأييد من الله عز وجل، حيث قال (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا) «مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ»، وهذا حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ، لما نزل عليه الملك بالوحي، رجع إلى بيته، خائفا يرتجف، والحديث في الصحيحين، فقال لزوجه أم المومنين خديجة رضي الله عنها: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» فَقَالَتْ رضي الله عنها مذكرة إياه بخصال حميدة اتصف بها صلى الله عليه وسلم ومنها سعيه في قضاء حوائج الناس قبل بعثته صلى الله عليه وسلم: «كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ».

  عباد الله: إن السعي في قضاء حوائج الناس له فضل وأجر كبير عند الله عز وجل، بل هو من أحب الأعمال إلى الله عز وجل، ففي المعجم الكبير للطبراني رحمه الله عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إلى اللهِ؟ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إلى اللهِ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللهِ، أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، يَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ يَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ يَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَأَنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ (مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ) شَهْرًا»، إذا السعي في قضاء حوائج الناس عمل عظيم وتجارة رابحة مع الله عز وجل لا يستهان بها، فقد فضلت على الاعتكاف في المسجد، لأن اعتكاف المرء في المسجد يعود نفعه إليه وحده، عكس قضاء حوائج الناس الذي يتعدى نفعه للآخرين، وهذا هو الإيمان الصادق الذي ينشده الإسلام، روى الإمام أحمد رحمه الله، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُؤْمِنُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ، وَلَا يُؤْلَفُ»، وفي رواية للطبراني رحمه الله: «وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ».

  نفعني الله واياكم بالقرآن المبين، وبحديث سيد الأولين والآخرين، وغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين 

الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، وعلى آله ومن والاه، أما بعد :

عباد الله: رأينا في الخطبة الأولى، أن السعي في قضاء حوائج الناس، من صفات الأنبياء والمرسلين، ومن صفات المومنين الصادقين  كذلك، وأنه من أحب الأعمال إلى الله، لمن سخر نعم الله عليه في نفع الناس وخدمتهم، أما من قابل نعم الله بالكفر، كمن أنعم الله عليه بالمال والجاه والسلطة، فاستعملها في والطغيان، والظلم، وغصب حقوق الضعفاء، فإن الله يمهله، حتى إذا ما تمادي، يسلبه نعمه، ويحولها إلى غيره، روى الطبراني في الأوسط عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي  الله عنهما أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ عَبَّادًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، يُقِرُّهُمْ فِيهَا مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ، فَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ»

 وخير ما نجعل مسك الختام أفضل الصلاة والسلام على شفيع الورى في الموقف العظيم، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سيدنا  محمّد وَعلى آل محمد، كما صلّيت على آل إِبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إِبراهِيم فِي الْعَالمِين، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

الختم بالدعاء ...

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-