فضل يوم عرفة وأحكام الاضحية - خطية مؤثرة

 فضل يوم عرفة وأحكام الاضحية - خطية مؤثرة

فضل يوم عرفة وأحكام الاضحية - خطية مؤثرة
فضل يوم عرفة وأحكام الاضحية - خطية مؤثرة

 فضل يوم عرفة وأحكام الاضحية

إِن الحمد لله، نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا، وَمن سيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ...

أما بعد:

 معشر المومنين والمومنات: لا زلنا وإياكم نعيش نفحات وبركات أفضل أيام الدهر، أيام عشر من ذي الحجة، وإن من فضل الله على عباده أن جعل لهم أيام نفحات، ومواسم خيرات تعظم فيها الأجور والحسنات، ليستكثروا فيها من العمل الصالح، ويتنافسوا فيها فيما يقربهم إلى ربهم عز وجل، فالسعيد من قدر هذه الأيام حق قدرها واغتنمها، ولم يجعلها تمر عليه مرورا عابرا.

 ومما ينبغي أن لا يفوتنا في هذه الأيام المباركة يوم عرفة، هذا اليوم العظيم الذي عظم الله حرمته، ففيه أكمل الله الدين وأتم نعمته على المسلمين، قال الله عز وجل (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، وفي هذه الآية قالت اليهود لعمر رضي الله عنه كما في صحيح البخاري: إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ آيَةً لَوْ نَزَلَتْ فِينَا لاَتَّخَذْنَاهَا عِيدًا، فَقَالَ عُمَرُ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَتْ: يَوْمَ عَرَفَةَ وَإِنَّا وَاللَّهِ بِعَرَفَةَ"، وقد اتخذه النبي صلى الله عليه وسلم عيدا كما في سنن النسائي عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» 

 وهذا اليوم العظيم هو للحجاج أساس حجهم، قال حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم: «الْحَجُّ عَرَفَةُ» ، وفيه يعتق الله عزو جل من العباد من النار مالا يعتق فيما سواه، ففي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟»، وفي عشية هذا اليوم العظيم ينزل ربنا عز وجل إلى السماء الدنيا حتى يدنو من الحجاج بعرفة، كما يليق بجلاله، فيباهي بعباده الملائكة، روى الإمام أحمد في مسنده عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا». ومن بركة هذا اليوم أن صيامه لغير الحاج يكفر ذنوب سنتين، ففي صحيح مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ».

 عباد الله: ومن الأعمال المشروعة في هذه الأيام المباركة، التقرب إلى الله بذبح الأضاحي يوم العيد، فهي من شعائر هذا الدين، قال الله عز وجل (فصل لربك وانحر)، وهي سنة أبينا إبراهيم عليه السلام، وشريعة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين يضحي)، وقال أنس بن مالك رضي الله عنه ( ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده)، وقد حذرالنبي صلى الله عليه وسلم من ترك الأضحية مع الإستطاعة فقال: " مَن وَجَدَ سَعَةً فلم يُضَحِّ فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنا "

   والأضحية من بهيمة الأنعام، من الغنم أو المعز أو البقر أو الإبل على اختلاف أصنافها، ولا تجزئ إلا بشرطين: أن تبلغ السن المعتبر شرعا، وأن تكون سليمة من العيوب

  فأما السن ففي الإبل ما أتم خمس سنوات، وفي البقر ماأتم ثلاث سنوات، وفي الغنم والمعز ما أتم سنة، ويجوز في الضأن ما أتم ستة أشهر شريطة أن يكون سمينا.

 وأما العيوب التي لا تجزئ في الأضحية فقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال :( أربع لا تجزئ في الأضاحي :العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكسيرة التي تنقي)، والحاصل أن المسلم ينبغي له أن يحرص على أكمل الأضاحي في جميع الصفات.

 نفعني الله واياكم بالقرآن المبين، وبحديث سيد الأولين والآخرين، وغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين 

الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، وعلى آله ومن والاه، أما بعد :

عباد الله: ومن أحكام الأضحية ذبحها في وقتها المحدد شرعا ،ويبدأ من بعد صلاة العيد بعد ذبح الإمام، عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَخْطُبُ فَقَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ هَذَا فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ نَحَرَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ يُقَدِّمُهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنْ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ

   فاتقوا الله عباد الله في هذه الشعيرة وأخلصوا فيها النية لله عز وجل، وآزروا إخوانكم الفقراء واحذروا من التكلف والمباهات فهذا ليس من هدي النبي ﷺ ، روى ابن ماجة في سننه، عن عَطَاءَ بْن يَسَارٍ قال: سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ: كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ؟ فَقَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَتْ كَمَا تَرَى»

 وأكثروا من الصلاة والسلام على شفيع الورى في الموقف العظيم، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سيدنا  محمّد وَعلى آل محمد، كما صلّيت على آل إِبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إِبراهِيم فِي الْعَالمِين، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

الختم بالدعاء ...

05 / ذوالحجة / 1442
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-