التوبة إلى الله - خطبة مؤثرة
خطبة مؤثرة حول التوبة إلى الله
بسم الله الرحمان الرحيم
اقتباس من الخطبة:
إن ربنا عز وجل يتودد إلينا دائما باليل والنهار، صباحا ومساء، أن هلموا ياعبادي إلى التوبة والإنابة، هلموا ياعبادي إلى المغفرة والرحمة، مهما كانت الأوزار كثيرة، والمعاصي وفيرة.
الخطبة الأولى:
إِن الحمد لله، نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا، وَمن سيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ...
أما بعد:
معشر المومنين والمومنات: يقول الله عز وجل (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، في هذه الآية الكريمة، دعوة من الله عز وجل للناس جميعا على اختلاف فآتهم، وتفاوت مستوياتهم، إلى التوبة والإنابة من المعاصي والأوزار، فعامة الناس ما دون الرسل والأنبياء، ليس فيهم معصومون مهما كانت درجاتهم من الإستقامة، من منا لم تزل به القدم في مهاوي المعصية وأودية الأوزار، من منا لم تتغلب عليه شهوته في يوم من الأيام بل في كثير من الأحيان، ومن هنا فإن الله عز وجل يعلن عن بابه المفتوح للرحمة والمغفرة، إنه باب التوبة، يعلن عن ذلك قائلا (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وحتى إن حال ربنا عز وجل بيننا وبين المعاصي، فإننا مطالبون بالتوبة لتقصيرنا في حق العبودية لله مقابل ما أغدق علينا من نعمه التي لا تعد ولا تحصى، فمن منا يستطيع أن يؤدي شكر نعمة العينين اللتين يبصر بهما، من منا يستطيع أن يؤدي شكر نعمة العقل الذي يفكر به، وغيرها من النعم، إنه تقصير شامل للناس جميعا، ومن هنا جاءت الدعوة إلى الناس جميعا (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
عباد الله: إن ربنا عز وجل يتودد إلينا دائما باليل والنهار،صباحا ومساء، أن هلموا ياعبادي إلى التوبة والإنابة، هلموا ياعبادي إلى المغفرة والرحمة، مهما كانت الأوزار كثيرة، والمعاصي وفيرة، ثم لا نلتفت إلى ندائه إلا من رحم الله، فعندما نسمعه ينادينا كما في الحديث القدسي: «يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ»، عندما نسمع حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يخبر عن ربه عز وجل قائلا: «إِنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»، عندما نسمع هذا النداء، ونقارنه بعبوديتنا للحق عز وجل، نجد أننا معرضون إلا من رحم الله عز وجل عن هذا النداء المحبب، معرضون عن هذه الدعوة الربانية، يدعونا ربنا عز وجل إلى مائدة مغفرته، يدعونا إلى الرحمة، إلى المغفرة والصفح، يدعونا إلى ساحة غفرانه، والناس بين عاكف على لهوه، وبين مصر على معاصيه، وبين مستمر في غفلته عن ربه عز وجل، يلاحقنا نداء الله عز وجل فلا نلتفت إليه، أفلا يخجلنا هذا.
عباد الله: تعالوا لنصطلح مولانا عز وجل، وليس اصطلاحنا مع الله عز وجل متوقف على العصمة، وهل لنا أن نكون معصومين، وحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ»، هل لنا أن نكون معصومين عن الأوزار وربنا عز وجل يقول (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا)، ولكننا نستطيع أن نصطلح مع الله عز وجل بأيسر من ذلك، نستطيع أن نصطلح مع الله عز وجل بأن نقبل عليه بالتوبة والإنابة، إن ربنا الغفور الرحيم، اللطيف الودود، لم يشترط لمرضاته عنا أن نكون معصومين، ولكنه اشترط شيئا واحدا، أن نعجل بالتوبة كلما تقلبنا في غمار المعاصي، بل هو يعلن عن محبته لهؤلاء التوابين، (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)، والتواب صيغة مبالغة أي كثير التوبة، فكلما غفل وشرذ الإنسان عن ربه عز وجل، بادر وسارع وفر إلى ربه بالتوبة والإعتراف بالذنب والإستغفار منه، وكان الجزاء من الله عز وجل ما قال عنه في كتابه، (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ، هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ، مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ، ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ، لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)، أواب صيغة مبالغة من آيب، وآيب بمعنى راجع، فهذا كل ما يطلب الله عز وجل من عباده أن يرجعوا إليه ويصطلحوا معه.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، وعلى آله ومن والاه .
أما بعد :
عباد الله: إن المسارعة الى التوبة والإنابة،وعدم الإصرار على المعصية، من صفات المتقين المحسنين، قال الله عز وجل واصفا عباده المتقين المحسنين (سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)، ألا فلنبادر ولنسارع إلى التوبة والصلح مع الله عز وجل قبل أن يفوت الآوان، ويغلق باب التوبة، يقول حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبَلُ تَوْبَةَ عَبْدِهِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ»، وقال كذلك: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، تَابَ اللهُ عَلَيْهِ».
وخير ما نجعل مسك الختام أفضل الصلاة والسلام على شفيع الورى في الموقف العظيم، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سيدنا محمّد وَعلى آل محمد، كما صلّيت على آل إِبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إِبراهِيم فِي الْعَالمِين، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
الختم بالدعاء ...