سوء الظن بالناس - خطبة مؤثرة

 خطبة مؤثرة عن سوء الظن بالناس

خطبة مؤثرة عن سوء الظن بالناس
خطبة مؤثرة عن سوء الظن بالناس
اقتباس من الخطبة:
 سوء الظن له تأثيرٌ كبير في الواقع، فكم طُلِّقَتْ من زوجات! وكم فشلت من تجارات بسبب سوء الظن! وكم ضُيعت من أموال! وكم شُرد من عيال بسبب سوء الظن!

سوء الظن بالناس

 إِن الحمد لله، نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا، وَمن سيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ...
  معشر المومنين والمومنات: إن شريعةَ الله تعالى كلَّها خيرٌ وبركةٌ علينا، ومن أسس هذه الشريعة واجباتُ الأخوة في الدين، والتي أُسِّسَتْ على الأخوة والمودة، والتراحم والتعاطف والتعاون والنصح، فكل ما يحقق الأخوة، ويزيد في المحبة بين المسلمين فإن الإسلام قد جاء به، ورتب عليه  الثواب والأجر العظيم، وكل ما يعكر صفاء الأخوة بين المسلمين، ويؤدي إلى الاختلاف والفرقة،والتقاطع والتدابر، نهى عنه الإسلام، وسدّ الطرق المفضية إليه، ولذلك حذر الإسلام من الظن؛ وهو التهمة التي تقع في القلب على الآخر بلا دليل، قال الله عز جل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)، في هذه الآية أمر الله تعالى باجتناب أكثر الظن حتى لا يقع المرء في سوء الظن وبالتالي في الإثم. 
  عباد الله: إذا نظرنا اليوم في واقعنا اليوم، فسنجد أن سوء الظن له تأثيرٌ كبير في الواقع، فكم طُلِّقَتْ من زوجات! وكم فشلت من تجارات بسبب سوء الظن! وكم ضُيعت من أموال! وكم شُرد من عيال بسبب سوء الظن! وكم أزهقت من أرواح، وكم سُجن من أشخاصٍ بسبب سوء الظن، وكم وقعت من خصومات ومن مشكلات كبار بسبب سوء الظن، وكم عُصِيَ المولى عز وجل، وقُطِّعَت الأرحام، بسبب سوء الظن، لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من الظن عموماً، روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا»، فقوله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن»، ثم قوله بعدها: «وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا»، فيه حكمة بليغة لأن الإنسان إذا ظن شيئاً بأخيه، جره ذلك إلى التجسس عليه، ثم بعد ذلك إلى التحسس، وهو أن يسأل الناس: هل رأيتم فلاناً يفعل كذا؟ هل علمتم أنه يفعل كذا؟ فيتجسس بنفسه، ويتحسس الأخبار عند الآخرين، ثم بعد ذلك يقع في التدابر، فيدبر عن أخيه أو يقاطعه، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على أن يربي أصحابه دائما على حسن الظن بالآخرين، وتربى الصحابة على ذلك فعلا، فكان سيدنا عمر رضي الله عنه يقول: «لا تَظُنُّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ سُوءًا وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا مِنَ الْخَيْرِ مَحْمَلا»، وهذا مشهد عظيم يبرز كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يغرس حسن الظن في أصحابه في قوله وفعله،  لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج إلى فتح مكة، وأراد أن يباغث قريشا، تصرف الصحابي الجليل حاطب بن أَبِي بَلْتَعَةَ، وهو صحابي بدري من خيار الصحابة تصرفا لا يليق حيث كتب كتاباً إلى أهل مكة يخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهيأ لغزوهم، وأعطى الكتاب لامرأة وأمَرَها أن تذهب به لأهل مكة، وأوحى الله عز وجل إلى نبيه بما فعل حاطب ، فأمر عليا والمقدار والزبير رضي الله عنهم أن يلحقوا بالمرأة  في مكان يسمى رَوْضَةَ خَاخٍ فيأخذوا منها الكتاب، وبعد أن أخذوا الكتاب من المرأة سلموه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس بين أصحابه، وكان صلى الله عليه وسلم لا يقرأ، فأعطاه لمن يقرأ، فلما قرأ فإذا هو مِن حاطب بن أبي بلتعةَ إلى من يراه من قريش، وإذا هو يخبرهم بغزو النبي صلى الله عليه وسلم لهم، وهذه خيانة عسكرية بكل المقاييس!
  فكيف كانت ردت فعل النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وردة فعل الصحابة رضوان الله عليهم؟وكيف تعامل صلى الله عليه وسلم مع  حاطب؟هذا ما سنراه في الخطلة الثانبة إن شاء الله. 
  أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، والحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية:

 الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، وعلى آله ومن والاه، أما بعد :
 عباد الله: تعالوا بنا نكمل هذا المشهد العظيم لنرى خلقه صلى الله عليه وسلم وحسن ظنه بأصحابه فنتأسى به، نظر النبي إلى حاطب رضي الله عنه والصحابة ينتفضون حقدا وغيظاً: كيف تخبر أعداءنا بأسرارنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ما هذا يا حاطب؟ قال: يا رسول الله! لا تعجل عليّ، يا رسول الله إني كنت امرأً ملحقا بقريش، أنا لست من قريش لكن جئت وسكنت مكة بينهم، ليس لي قبيلة أنتسب إليها تمنعني، وأنا لي أهل وأولاد في مكة أفكر فيهم دائما، فأردت يا رسول الله أن أصنع يداً عند قريش يُحسنون بها إلى أهلي، ويكفون أذاهم عني؛ وأعلمُ أن الله ناصرك، قال سيدنا عمر رضي الله عنه: يا رسول الله! أنا أقوم إليه فأقتله؟! أيّ خطأ أعظم، وجريمة أكبر من أن يُفشِي سرَّنا إليهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا، لقد صدَقَكم"، صدق فعلا الرجل، ما ناطح ولا أبغض إلا للدين، ولا رغب في نصرة المشركين صدقاً، لكن غلبته عاطفته الأبوية، وطبيعته البشرية؛ فأخرج شيئاً من أسرارنا في هذا الكتاب، ثم التفت وقال: "ما يُدريك يا عمر! لعلَّ اللهَ اطَّلَع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم"، ثم عفا النبي صلى الله عليه وسلم عنه.
   فالله وفقنا للتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وحركاته وسكناته واجعلنا على آثاره حتى نلقاك وأنت راض عنا.
  الختم بالدعاء ...



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-