استقبال رمضان بسلامة القلوب - خطبة مؤثرة


خطبة مؤثرة عن استقبال رمضان بسلامة القلوب
بسم الله الرحمان الرحيم

استقبال رمضان بسلامة القلوب

 إِن الحمد لله، نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا، وَمن سيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ...
أما بعد:
 معشر المومنين والمومنات: لايزال حديثنا متواصلا عن تهيئة القلوب لنفحات رمضان المبارك، وقد ذكرنا في الخطبة الماضية بتوفيق من الله عز وجل، أنه من أعظم ما نهيء به قلوبنا التوبة النصوح، وكلنا نعلم أن التوبة لا تكون نصوحا إلا بشروط، شروط ثلاثة بين العبد وربه عز وجل، وهي الإقلاع والندم وعدم الرجوع للذنب، وشرط رابع بين الخلق وهو رد المظالم، كأخذ مال الغير ظلما أو نهب حق من الحقوق، فهذا لا يغفره الله عز وجل إلى برده، أو إبراء الذمة منه في الدنيا
 عباد الله: إن من أعظم هذه المظالم التي يستصغرها الكثير من الناس، والتي تحول بين قلب العبد والتعرض لنفحات الله عز وجل، التدابر والتباغض والخصام، وهذه كلها أمراض خطيرة إن لم نطهر قلوبنا منها، فقد نكون والعياذ بالله من الخاسرين يوم القيامة، وإن صلينا وصمنا وزكينا
 أيها المتدابر والمتاخصم مع اخوته: اعلم غفر الله لنا ولك أنك آثم مرتكب لذنب عظيم، بمخالفتك أوامر رسول الله ﷺ حيث قال كما في الحديث الصحيح: «لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ»، وقال كذلك ﷺ: «لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ: فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ»، وقد يفضي هذا التدابر والهجران بصاحبه والعياذ بالله إلى النار، روى أبو داود في سننه، والامام أحمد في مسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ»، هذا إذا كان المهجور من عامة المسلمين، أما إن كان من ذوي الرحم، كهجر الإخوان والاخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وغيرها من الأرحام، فهذه كبيرة من الكبائر، تسمى في الشرع قطيعة الرحم، عليها لعنات من الله عز وجل، قال الله عز وجل (فَهَلْ عَسَيتُمُ إِنْ تَوَلَّيْتُمُ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)، ويقول النبي ﷺ «لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ»
 أيها المتدابر والمتاخصم مع اخوته: اعلم غفر الله لنا ولك أن صلاتك وهي أعظم العبادات وأول ما ستسأل عنه، لا تقبل منك وإن صليت صباح مساء حتى تصطلح مع إخوتك، روى ابن حبان بإسناد حسن عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: « ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَلَاةً: إِمَامُ قَوْمٍ، وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا غَضْبَانُ، وَأَخَوَانِ مُتَصَارِمَانِ»
 نفعني الله واياكم بالقرآن المبين، وبحديث سيد الأولين والآخرين، وغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

الخطبة الثانية:

 الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، وعلى آله ومن والاه، أما بعد :
عباد الله: إن التدابر والتخاصم والقطيعة تمنع صاحبها من المغفرة في مواسم الخيرات، روى الامام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: « تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا»
 وكذلك في ليلة النصف من شعبان كما مر معنا أن الله عز وجل " يَطَّلِعُ عَلَى خَلْقِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ "
 إذا فمن أعظم ما نستقبل به شهر رمضان، القلب الصافي الذي لا يحمل الغل والحسد والبغضاء والتدابر والتقاطع تجاه اخوانه المسلمين عامة، وتجاه ورحمه خاصة.
الختم بالدعاء ...
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-