سادس صفات عباد الرحمان (التوحيد) - خطبة مؤثرة

 

سادس صفات عباد الرحمان (التوحيد) - خطبة مؤثرة  

بسم الله الرحمان الرحيم

اقتباس من الخطبة:

فعباد الرحمان أيقنوا أن التوحيد والإيمان بإله واحد، له الخلق والأمر، وإليه المصي، هو رب كل شيء، ومدبر كل أمر، هو وحده الجدير أن يعبد ولا يجحد وأن يشكر ولا يكفر، وأن يطاع ولا يعصى

سادس صفات عباد الرحمان (التوحيد)

 الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وتنال القربات، وترفع الدرجات، والصلاة والسلام على أشرف الكائنات، سيدنا وحبيبنا ومولانا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين ... (المقدمة) أما بعد:
 معشر المومنين والمومنات: لا يزال حديثنا متواصلا عن صفات عباد الرحمان المكرمين الذين يحبهم الله عز وجل ويحبونه، وقد وصل بنا الحديث إلى صفتهم السادسة التي وصفهم الله بها في قوله (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ)، فهم يوحدون الله عز وجل، لا يعبدون إلا الله ولا يقدسون غير الله، يفردونه وحده بالعبادة والاستعانة، طهروا قلوبهم من دنس الشرك، وترفعوا عن كبائر الذنوب، ففي الصحيحين عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَىُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ» فعباد الرحمان أيقنوا أن التوحيد والإيمان بإله واحد، له الخلق والأمر، وإليه المصي، هو رب كل شيء، ومدبر كل أمر، هو وحده الجدير أن يعبد ولا يجحد وأن يشكر ولا يكفر، وأن يطاع ولا يعصى، قال الله عز وجل (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)
 عباد الله: إن توحيد الله عز وجل أمر عظيم، فعليه بني الإسلام،ففي الصحيحين، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ:شَهَادَةِ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ»، وتوحيد الله عز وجل هو حق الله على العباد ففي الصحيحين عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا مُعَاذُ أَتَدْرِى مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟»، قَالَ: قلت اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَلاَ يُشْرَكَ بِهِ شَىْءٌ» قَالَ: «أَتَدْرِى مَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ» فَقَالَ قلت: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ »، ولذلك رغب ديننا الحنيف للأب أن يستقبل مولوده بالأذان لتكون كلمة التوحيد أول ما يطرق سمعه من أصوات الناس، فإذا عاش في الدنيا ما قدر له، ثم حضرته الوفاة، رغب أولياءه وأقاربه أن يلقنوه كلمة التوحيد لا إله إلا الله،وتوحيد الله عزَّ وجل إذا ما تحقق في حياة العبد توحيداً في الاعتقاد وتوحيداً في السلوك، سيرقى به إلى درجات عظيمة من القبول عند الله عزَّ وجل، فليس من السهل أن تطهر قلبك من أي شرك بحيث لا تخشى أحداً غير الله، ولا ترجو أحداً غير الله، ولا تخاف أحداً غير الله،ولا تتوكل إلا على الله، ولا تستعين إلا بالله، وأن يكون توجهك في عبادتك دائما لله؛ والناس يتفاوتون في توحيدهم لله عز وجل، فمنهم من يوحد الله بلسانه وأفعاله تنافي التوحيد، ومنهم من يلجأ إلى غير الله، كمن يلجأ إلى الموتى أو العرافين والمشعودين للإستشفاء وكشف الكرب، أو من يعلق التمائم بدعوى أنها تدفع الشر، وتُذهب العين، وتجلب الخير، والله تعالى يقول: (وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرّ فَلاَ كَـٰشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدُيرٌ) روى الإمام أحمد وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول،فقد كفر بما أنزل على محمد»
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، والحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية:

 الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، وعلى آله ومن والاه، أما بعد :
 عباد الله: هذه الصفة الرابعة من صفات عباد الرحمان المكرمين أنهم يوحدون الله عز وجل ويفردونه وحده بالعبادة والاستعانة والتوكل طمعا في رحمته وخوفا من أن تحبط أعمالهم فيكونوا من الخاسرين، قال الله عز وجل (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وفي الصحيحين عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ:«فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟»، قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: «كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِىءٌ، فَقَدْ قِيلَ»، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِى النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: «فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟»، قَالَ تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: «كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ،وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ» ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِى النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: «فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟قَالَ مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ:«كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ» ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِىَ فِى النَّارِ»
الختم بالدعاء...
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-