خطبة عن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم في محبته واتباعه

 نصرة النبي صلى الله عليه وسلم في محبته واتباعه
بسم الله الرحمان الرحيم 

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم في محبته واتباعه

 الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وتنال القربات، وترفع الدرجات، والصلام والسلام على أشرف الكائنات، سيدنا وحبيبنا ومولانا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين ... (المقدمة) أما بعد: 
 معشر المومنين والمومنات: إن ما نسمعه بين الفينة والأخرى من من اعتداء وتطاول على مقام نبينا صلى الله عليه وسلم، يدفعنا لمراجعة واستفتاء قلوبنا، هل فعلا نحن ننصر هذا الدين العظيم، هل فعلا ننصر نبينا صلى الله عليه وسلم وسنته وهديه؟ هل نصرته هي قولي أو كتابتي في صفحة أو موقع "إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم" وأنا في واقعي وحياتي اليومية بعيد كل البعد عن هديه صلى الله علسه وسلم وسنته؟
عباد الله: إن من أعظم مظاهر نصرة حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم النصرة الحق، الصدق في محبته صلى الله عليه وسلم واتباعه، ومحبتُه صلى الله عليه وسلم أصل عظيم من أصول الإيمان ومعراج إلى محبة الرحيم الرحمان عز وجل، روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ»، وعنه كذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدَيْهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» ومحبته صلى الله عليه وسلم واجبة علينا، إذ لا فاصل بينها وبين محبة الله عز وجل، بل هي الباب الواسع لمحبة الله عز وجل، روى الترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: «أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي لِحُبِّ اللَّهِ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي»
 يقول الله عز وجل في كتابه العزيز (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)، قال القاضي عياض في شرح الآية: "فكفى بهذا حضاً وتـنـبـيـهــاً ودلالة وحجة على إلزام محبته، ووجوب فرضها، وعظم خطرها، واستحقاقه لها صلى الله عليه وسلم، إذ قرّع الله من كان ماله وأهله وولده أحـب إليه من الله ورسـوله وتوعدهم بقوله تعالى:(فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ)، ثم فسقهم بتمام الآية، وأعلمهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله"
 عباد الله: لقد ذكر العلماء علامات ومقاييس لمعرفة محبة النبي ﷺ في قلب المرء وعدمها، منها الشوق الدائم إليه؛ ذلك لأن غاية ما يتمنى المحب أن يسعد برؤية حبيبه، فلو أُعطي المحب فرصة اختيار أحب شيء وأغلاه لاختار رؤيته ﷺ، ولقد كان أكثر ما يجلب الهمَّ لقلوب الصحابة هو خشيتهم من فراقه ﷺ، روى الإمام الطبراني في الأوسط عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، وَإِنَّكَ لَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي، وَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَلَدِي، وَإِنِّي لَأَكُونُ فِي الْبَيْتِ، فَأَذْكُرُكَ فَمَا أَصْبِرُ حَتَّى آتِيَكَ، فَأَنْظُرُ إِلَيْكَ، وَإِذَا ذَكَرْتُ مَوْتِي ومَوْتَكَ عَرَفْتُ أَنَّكَ إِذَا دَخَلْتَ الْجَنَّةَ رُفِعْتَ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَإِنِّي إِذَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ خَشِيتُ أَنْ لَا أَرَاكَ، فَلَمْ يردَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى نَزَّلَ جِبْرِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)»
 اللهم ارزقنا حبك وحب نبيك ﷺ وحب من تنفعنا محبته عندك، نفعني الله واياكم بالقرآن المبين، وبحديث سيد الأولين والآخرين، وغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين 

الخطبة الثانية:

 الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، وعلى آله ومن والاه، أما بعد :
 عباد الله: ومن أعظم علامات محبته ﷺ اتباعه وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فكيف يدعي محبته ﷺ من يتهاون على الصلاة والزكاة، كيف يدعي محبته ﷺ من يَعُق والديه ويقطع رحمه ويؤدي جيرانه وإخوانه، كيف يدعي محبته صلى الله عليه وسلم من يتعامل بالربا والحرام، كيف يدعي محبته ﷺ من يعصي أمره ويطيع الشيطان وهواه، ما هكذا، تكون المحبة الخالصة، المحب لمن يحبه مطيع، وبرهان محبة النبي ﷺ هي طاعته فيما امر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، روى ابن ماجة في سننه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَخُذُوهُ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا»
 وخير ما يجعل مسك الختام أفضل الصلاة والسلام على شفيع الورى في الموقف العظيم، «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سيدنا مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ سيدنا إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى سيدنا مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ سيدنا إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»
الختم بالدعاء...
  ابراهيم بن محمد أبو سعد
   13- ربيع الاول - 1442
     أسألكم الدعاء
 

    
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-