رابع صفات عباد الرحمان (التعوذ من النار) - خطبة مؤثرة

رابع صفات عباد الرحمان (التعوذ من النار) - خطبة مؤثرة
بسم الله الرحمان الرحيم

رابع صفات عباد الرحمان (التعوذ من النار)

 الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وتنال القربات، وترفع الدرجات، والصلام والسلام على أشرف الكائنات، سيدنا وحبيبنا ومولانا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين ... (المقدمة) أما بعد: 
 معشر المومنين والمومنات: لا يزال حديثنا متواصلا عن صفات عباد الرحمان المكرمين الذين يحبهم الله عز وجل ويحبونه، وقد حدثنا الله عن حالهم في أنفسهم أنهم (يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا)، وعن حالهم مع الناس فهو حال من لا يشغل نفسه بالسفهاء ولا يخاطب الجاهلين إلا سلاما (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)، وعن حالهم معه سبحانه فهم (يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً)، ولنتساءل مالذي دفعهم لذلك؟ فيجيبنا الحق عز وجل في الصفة الرابعة من صفات عباده الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وذلك في قوله (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا، إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا)، فهم وجلون مشفقون من عذاب الله عز وجل، خائفون من عقابه ، تذكروا الآخرة، وأيقنوا أنهم مهما عاشوا في هذه الدنيا فإنهم ميتون وأنهم بعد الموت مبعوثون، وأنهم بعد البعث محاسبون فإما إلى جنة، وإما إلى نار، وأي مقام أسوأ، وأي مستقر أقبح من جهنم التي وصفها الله عز وجل بقوله (نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أُوقِدَ على النار ألف سنة حتى احمَرَّتْ،ثم أُوقِدَ عليها ألف سنة حتى ابْيَضَّتْ، ثم أُوقِدَ عليها ألفُ سنة حتى اسودَّت، فهي سوداءُ مظلمة»، وروى الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا»، وفي الصحيحين عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِى يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ ». قَالُوا وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهَا مِثْلُ حَرِّهَا»، وأهون الناس عذابا يوم القيامة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رَجُلٌ تُوضَعُ فِى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِى مِنْهُمَا دِمَاغُهُ»
 إذا فعباد الرحمن إذا تذكروا النار وعذابها وأغلالها وسعيرها يخافون منها ويسألون الله أن يعيذهم منها قائلين (رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا) أي: ملازما دائما، وهم يقتدون بالحبيب المصطفى الذي كان أكثر دعائه كما في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أنه قال كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ ربنا آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ»، وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أمته أن يكثروا من التعوذ بالله من عذاب جهنم في أعظم العبادات التي هي الصلاة، ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»
 نفعني الله واياكم بالقرآن المبين، وبحديث سيد الأولين والآخرين، وغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين 

الخطبة الثانية:

 الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، وعلى آله ومن والاه، أما بعد :
عباد الله: هذه الصفة الرابعة من صفات عباد الرحمان المكرمين أنهم يتعوذون بالله من عذاب جهنم قائلين (رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا،إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا )، فأي مقام وأي مستقر أسوأ من جهنم، وحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول كما جاء في صحيح مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:« يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِى النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ،وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِى الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِى بُؤُسٌ قَطُّ وَلاَ رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ»، أي مقام وأي مستقر أسوأ من النار، وهي التي «اشْتَكَتِ إِلَى رَبِّهَا»، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: «يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِى بَعْضًا،فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِى الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِى الصَّيْفِ فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ»
 عباد الله:هذه بعض الأخبار التي وصلتنا من ربنا عز وجل ونبينا صلى الله عليه وسلم عن جنهم التي يتعوذ منها عباد الله المكرمين، فاقتدوا بهم رحمكم الله وأكثروا من التعوذ بالله عز وجل من عذابه،واتقوا الله واعملوا عملا صالحا يكن لكم حجابا من النار وطريقا إلى الجنة .
الختم بالدعاء ...
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-