خطبة مؤثرة عن افشاء السلام - من حق المسلم على المسلم-

إفشاء السلام من أعظم الأعمال إلى الله عز وجل
بسم الله الرحمان الرحيم

خطبة عن افشاء السلام 

 الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وتُنال القربات، وتُرفع الدرجات، والصلاة والسلام على أشرف الكائنات، سيدنا وحبيبنا ومولانا محمد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
  أما بعد: 
معشر المومنين والمومنات: إن من أعظم نعم الله تعالى على المسلمين تلك الرابطة التي تجمعهم وهي رابطة الأخوة والمحبة في الله عز وجل،قال الله تعالى :(واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا)، وحتى تدوم هذه الأخوة ونحافظ علىيها شرع الله لنا تجاه إخواننا حقوقا نتحلى بها، روى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ ». قِيلَ : مَا هِىَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ : «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ » 
 ولنا إن شاء الله خطبا مع هذه الحقوق بشيء من التفصيل، واليوم نخصصه للحق الأول الذي هو إفشاء السلام.
عباد الله: السلام أمانٌ من المسلِّم، ودُعاء بالرحمة والسَّلامة لِمَن يُسلِّم عليه، ولذا كان إفشاؤه مشروعًا بين الكبير والصغير، والأمير والمأمور، طلبًا لإشاعة الأمان وتحقيق الاطمئنان بين المسلمين؛ روى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّة حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَلَا أَدُلّكُمْ عَلَى شَيْء إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ: أَفْشُوا السَّلَام بَيْنكُمْ»
 وإفشاء السلام من أعظم الأعمال إلى الله عز وجل، ولذلك كان أول ما رسخه النبي صلى الله عليه وسلم بين الصحابة عند وصوله إلى المدينة المنورة روى ابن ماجة عن عبدالله بن سلام رضي الله عنه قال: لَمَّا قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجَفَل الناسُ عنه، فلمَّا رأيتُ وجهَه علمتُ أنَّه ليس بوجْه كذَّاب، فكان أول شيء سمعته تكلم به أن قال: «أيها الناس أفشُوا السلام، وأطعِمُوا الطَّعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نِيام، تَدخُلوا الجنة بسلام»، وروى الشيخان عن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أنَّ رَجُلاً سَألَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الإسلامِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : «تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ». 
 والسلامُ اسمٌ من أسماء الله الحسنى؟ يَذكُره المسلم مثنيًا به على ربِّه، وداعيًا لأخيه بالسلامة من الآفات والشُّرور في الدنيا والآخِرة،روى البزار والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ السَّلامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَضَعَهُ فِي الأَرْضِ فَأَفْشُوهُ بَيْنَكُمْ ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى الْقَوْمِ فَرَدُّوا عَلَيْهِ كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ فَضْلُ دَرَجَةٍ لأَنَّهُ ذَكَرَهُمْ ، فَإِنْ لَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ رَدَّ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ». 
 ولو اتبعنا هَدْيَ النبي صلى الله عليه وسلم عند تحية إخواننا المسلمين لغنمنا من الثواب العظيم، روى أبو داود عن عمران بن حصينٍ، قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه السلام، ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (عشرٌ) ، ثم جاء آخرُ فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فردَّ عليه، فجلس، فقال: (عشرون) ، ثم جاء آخرُ فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه، فجلس، فقال: (ثلاثون) .
 والسلام تحيَّة المسلمين في الدنيا وفي الآخِرة؛ ففي الصحيحين: «لَمَّا خلق الله آدم قال له: اذهَبْ فسلِّم على أولئك النَّفَر من الملائكة، وانظُر ما يحيُّونك به، فإنها تحيَّتك وتحيَّة ذريَّتك، فذهب فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله»
قال الله عزوجل في ذكر تحية اهل الجنة (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وهو تحية الله لعباده قال الله عزو جل (سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) 
   أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، والحمد لله رب العالمين. 

الخطبة الثانية: 

  الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، وعلى آله ومن والاه. 
  أما بعد :
 عباد الله: إن للسلام آداباً منها: ما حدث به أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير، والصغير على الكبير)) فإذا وإذا تساوى المتلاقيان من كل جهة، فكل منهما مأمور بالابتداء، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، روى البخاري من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الْمَاشِيَانِ إِذَا اجْتَمَعَا فَأَيُّهُمَا بَدَأَ بِالسَّلاَمِ فَهُوَ أَفْضَلُ)، وقد كان صلى الله عليه وسلم لتواضعه إذا مرّ بالصبيان يسلّم عليهم.
 ومن آداب السلام أن يكون بأحسن الألفاظ وأكملها: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ويكون الجواب كذلك بمثله أو بأحسن منه قال الله تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها)، أما التحية بصباح الخير ومساء الخير، فهذا لا بأس به إذا كان بعد السلام الشرعي.
 فاتقو الله عباد الله وأفشُوا السلامَ بينكم في هذه الدار، تُحيَّوا به في الجنَّة دار القرار مع الأبرار
  الختم بالدعاء ...


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-