خطبة عن تعامل المومن مع الأحداث (كرونا)

    فالمومن يتعامل مع الأمراض المنتشرة وغيرها من الأحداث، بتسليم وتفويض أمره لقضاء الله وقدره، وهذا لا يمنع من اتخاذ الأسباب الوقائية.
بسم الله الرحمان الرحيم 

خطبة جمعة حول كيف يتعامل المومن مع الاحداث (جائحة كرونا)

الخطبة الأولى : 

إن الحمد لله نحمده ...(المقدمة)

 أما بعد : 

  معشر المومنين والمومنات: يقول ربنا عز وجل (سَبِّحِ اِ۪سْمَ رَبِّكَ اَ۬لَاعْلَى* اَ۬لذِے خَلَقَ فَسَوّ۪ى* وَالذِے قَدَّرَ فَهَد۪ى )، ويقول عز من قائل (وَكَانَ أَمْرُ اُ۬للَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً)
عباد الله: إن عقيدة المسلم قائمة على الإيمان الكامل الذي بينه حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، لما سأله أمين الوحي جبريل عليه السلام قائلا : «أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ»، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»
  إذا فمن أعظم أركان الإيمان الذي أكد عليه حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، الإيمان بالقدر خيره وشره، فما يصيبنا من تعب ولا نصب ولا هم ولا حزن ولا مرض ولا مصيبة، ولا شيء من خير ولا شر إلا بقضاء الله عز وجل وقدره، قال الله عز وجل (قُل لَّنْ يُّصِيبَنَآ إِلَّا مَا كَتَبَ اَ۬للَّهُ لَنَا هُوَ مَوْل۪يٰنَا وَعَلَي اَ۬للَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اِ۬لْمُومِنُونَ) . 
عباد الله: إن ما نسمعه بين الحين والآخر، بانتشار أمراض وأوبئة لم نكن نسمعها من قبل، فزع منها الكثير من الناس إلا من رحم الله، وخشيها آخرون أكثر من خشيتهم لله عز وجل، لا يؤثر في المومن الذي يومن بالله عز وجل وبقضائه وقدره، لا يؤثر في المومن الذي يوقن بأن النافع والضار هو الله عز وجل، قال سبحانه وتعالى (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)، بل يحفزه للمزيد من الإقبال على مولاه عز وجل، وتجديد التوبة والصلح معه عز وجل، فما هذه الأمراض والأوبئة إلا جنود من جنود الله عز وجل، مدبرة بأمره، يبتلي بها عباده بما اقترفوا من ذنوب وآثام، لعلهم يتوبون ويرجعون إليه، يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، كما في سنن ابن ماجة رحمه الله، من حديث ابن عمر رضي الله عنه : «لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا» ، يقول الله عز وجل (وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةِۢ بِمَا كَسَبَتَ اَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ)
  عباد الله: إن ما نراه متفشيا في مجتمعاتنا من تبرج وفواحش وشرب للخمور ومجاهرة بها، وتماطل في أداء الديون والحقوق إلى أهلها، وهجران لبيوت الله عز وجل، وتعامل بالربا، وغيرها مما لا يرضي الحق عز وجل، لا يبشر بخير، وربنا عز وجل (لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ)، قال الله عز وجل (إِنَّ اَ۬للَّهَ لَا يَظْلِمُ اُ۬لنَّاسَ شَئْاً وَلَٰكِنَّ اَ۬لنَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)، فما لزم عبد طاعة ربه عز وجل ، إلا أبدل خوفه أمنا، وجعل في قلبه طمأنينة وراحة، وأبعد عنه كل وباء وبلاء، الا ما قدره عليه، فيكون مغفرة لذنبه ورفعة لدرجاته، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ مُصِيبَةٍ يُصَابُ بِهَا الْمُسْلِمُ، إِلَّا كُفِّرَ بِهَا عَنْهُ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا»، وما عصى عبد ربه عز وجل، لا يخافه ولا يرجوه، همه الدنيا وهوسها، يتقلب في المعاصي والآثام، إلا عاقبه في الدنيا قبل الآخرة ما لم يتب، بأنواع العقوبات، قال الله عز وجل (فَمَنِ اِ۪تَّبَعَ هُد۪ايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْق۪ىٰ وَمَنَ اَعْرَضَ عَن ذِكْرِے فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُۥ يَوْمَ اَ۬لْقِيَٰمَةِ أَعْم۪ىٰ) 
  أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، والحمد لله رب العالمين . 

الخطبة الثانية: 

  الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، وعلى آله ومن والاه . 

 أما بعد: 

  عباد الله: رأينا في الخطبة الأولى كيف يجب على المومن أن يتعامل مع الأمراض المنتشرة وغيرها من الأحداث، بتسليم وتفويض أمره لقضاء الله وقدره، وهذا لا يمنع من اتخاذ الأسباب الوقائية، والتداوي من الأمراض إن قدرها الله عز وجل، فالإتخاذ بالاسباب لا ينافي الإيمان بقضاء الله وقدره، ومن أعظم أسباب دفع البلاء، التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله،فمن دعواته صلى الله عليه وسلم قوله: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تَفْجَأْهُ فَاجِئَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي لَمْ تَفْجَأْهُ فَاجِئَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ»، ومن دعواته صلى الله عليه وسلم، ما رواه أبو داود، أَنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟ "
الختم بالدعاء ...
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-