خطبة مؤثرة عن الحسد

الحسد هو: تمني زوال نعمة الله على الغير، أن يكون أخوك الإنسان في نعمة مادية أو معنوية من النعم التي أنعم الله تعالى بها عليه،
بسم الله الرحمان الرحيم

خطبة جمعة - داء الحسد، مخاطره وعواقبه

الخطبة الأولى: 

الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله وصحبه ... (المقدمة)، أما بعد:
  معشر المومنين والمومنات: لازلنا نتحدث عن بعض الأمراض التي تفسد الأخوة الإيمانية ، وقد تحدثنا فيما مضى عن مرضي الغيبة والنميمة، واليوم إنشاء الله سنتحدث عن مرض آخر وهو من أمراض القلوب، بسببه وقعت عداوات،وبسببه تشتت جماعات، بل بسببه زهقت أرواح والعياذ بالله، إنه مرض الحسد الذي نهى الله عنه بقوله تعالى (أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ ءاتَيْنَا ءالَ إِبْرٰهِيمَ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَءاتَيْنَـٰهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً)
  عباد الله: الحسد أول ذنب عُصي الله به في السماء بعد الكبر، فإبليس أمره الله تعالى أن يسجد لخليفته آدم فحسده (إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين )، وأبى أن يمتثل أمر الله بالسجود له، والحسد أول ذنب عصي الله به في الأرض، فقابيل ابن آدم حسد أخاه فحمله حسده إياه على قتله (فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين ).
  عباد الله: الحسد هو: تمني زوال نعمة الله على الغير، أن يكون أخوك الإنسان في نعمة مادية أو معنوية من النعم التي أنعم الله تعالى بها عليه، فتتمنى أن تنتزع منه، وتشتهي أن تذهب عنه، فهو بذلك اعتراض على الله في فعله، واحتجاج عليه في تصرفه، واستنكار لقضائه وحكمه، وتعبير عن عدم الرضا بقسمته العادلة في أرزاق خلقه،قال الله عز وجل (أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ). 
  عباد الله: لقد حرم الإسلام الحسد، وحذر منه، ونهى عنه، وذم من اتصف به، لأنه يناقض الإيمان، ويتنافى مع أخلاق الإسلام، ويتعارض مع ما يجب على المسلم أن يتصف به من الشعور الطيب تجاه أخيه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد"، رواه ابن حبان رحمه الله في صحيحه، ويقول صلى الله عليه وسلم، كم في الحديث الصحيح: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».
  فالحسد يُحبط الأعمال، ويذهب بالطاعات، ويأكل الحسنات، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب"، وفي الحديث الصحيح، يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:  «لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا»، وعن الزبير بن العوَّام رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا"
  عباد الله: والحسد نوعان مذموم ومحمود، فالمذموم هو الذي رأيناه سالفا (تمني زوال نعمة الله على الغير) والمحمود هو الغبطة: وهو تمني مثل حال المحسود من غير أن تزول النعمة عنه، روى الامام البخاري رحمه الله، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا "
  أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين،و الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية: 

 الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى من لنهجه اقتفى .أما بعد:
  عباد الله: رأينا في الخطلة الأولى، كيف حذرنا ديننا الحنيف من الحسد، ورغبنا في المحبة والصفاء ، فمن ألزم قلبه الصفاء ومحبة المسلمين، وتجنب الحسد والشحناء، شق بذلك طريقا إلى مرضات الله وجنانه، أخرج الإمام أحمد والنسائي وغيرهم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ ، تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مَاءً مِنْ وَضُوئِهِ ، مُعَلِّقٌ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ مَرْتَبَتِهِ الأُولَى ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ مَرْتَبَتِهِ الأُولَى، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، تَبِعَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ: إِنِّي لاَحَيْتُ أَبِي، فَأَقْسَمْتُ أَنْ لاَ أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَحِلَّ يَمِينِي فَعَلْتَ ، فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ: أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ لَيْلَةً، أَوْ ثَلاَثَ لَيَالٍ، فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ بِشَيْءٍ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا انْقَلَبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللهَ وَكَبَّرَ، حَتَّى يَقُومَ لِصَلاَةِ الْفَجْرِ، فَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: غَيْرَ أَنِّي لاَ أَسْمَعُهُ يَقُولُ إِلاَّ خَيْرًا، فَلَمَّا مَضَتِ الثَلاَثُ لَيَالٍ كِدْتُ أَحْتَقِرُ عَمَلَهُ، قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللهِ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ وَالِدِي غَضَبٌ وَلاَ هَجْرَةٌ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول لك ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فِي ثَلاَثِ مَجَالِسَ: يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَطَلَعْتَ أَنْتَ تِلْكَ الثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَأَرَدْتُ أن آوِي إِلَيْكَ، فَأَنْظُرَ عَمَلَكَ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَبِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ: مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ ، فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لاَ أَجِدُ فِي نَفْسِي غِلاًّ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ أَحْسُدُهُ عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ ، وَهِيَ الَّتِي لاَ نُطِيقُ.
   وأكثروا من الصلاة والسلاه على شفيع الورى في الموقف العظيم، «اللَّهُمَّ صَلِّ وسلم وبارك عَلَى سيدنا مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ وسلمت وباركت عَلَى آلِ سيدنا إِبْرَاهِيمَ. إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»
الختم بالدعاء.....
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-